للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما تأويلُ قولِه: ﴿قَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ﴾ فإنه يعنى: للملإِ من بني إسرائيلَ الذين قالوا لنبيِّهم: ﴿ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾.

وقولُه: ﴿إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ﴾: إن علامةَ مُلْكِ طالوتَ التي سأَلْتُمونيها دَلالةً على صدقي في قوله: إن الله بعَثه عليكم مَلِكًا، وإن كان من غير سِبْطِ المملكةِ ﴿أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ﴾ وهو التابوتُ الذي كانت بنو إسرائيل إذا لَقُوا عدوًّا لهم قَدَّمُوه أمامَهم، وزحَفوا معه، فلا يَقومُ لهم معه عدوٌّ، ولا يَظهَرُ عليهم أحدٌ ناوَأَهم، حتى منَعوا أمرَ اللهِ، وكَثُر اختلافُهم على أنبيائِهم، فسَلَبهم اللهُ إِيَّاه مرَّةً بعدَ مرَّةٍ، يَرُدُّه إليهم في كلِّ ذلك، حتى سَلَبَهم آخِرَ مرَّةٍ، فلم يرُدَّه عليهم، [ولن يُرَدَّ] (١) إليهم آخرَ الأبدِ.

ثم اختَلف أهلُ التأويلِ في سَببِ مجئِ التابوتِ الذي جعَل اللهُ مَجيئَه إلى بني إسرائيلَ آيةً لصدقِ نبيِّهم شَمْويلَ على قولِه: ﴿إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا﴾. وهل كانت بنو إسرائيلَ سُلِبُوه قبلَ ذلك فردَّه اللهُ عليهم حينَ جعَل مجيئَه آيةً لمُلْكِ طالوتَ؟ أولم يكونوا سُلِبوه قبلَ ذلك، ولكنَّ الله ابتَدَأهم به ابتداءً؟ فقال بعضُهم: بل كان ذلك عندَهم من عهدِ موسى وهارونَ يَتَوارثونه، حتى سَلَبهم إياه مُلوكٌ من أهلِ الكفرِ به، ثم ردَّه اللهُ عليهم آيةً لمُلْكِ طالوتَ. وقال في سببِ ردِّه عليهم ما أنا ذاكِرُه، وهو ما حدَّثني به المُثَنَّى، قال: ثنا إسحاقُ، قال: حدَّثنا إسماعيلُ بنُ عبدِ الكريمِ، قال: حدَّثني عبدُ الصمدِ بنُ مَعْقِلٍ، أنه سمِع وَهْبَ بنَ مُنَبِّهٍ قال: كان لعيلى الذي ربَّى شَمْويلَ ابنان شابان أحدَثا في القُربانِ شيئًا لم يكنْ فيه، كان مِسْوَطُ (٢) القُرْبانِ


(١) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "ولم يرده".
(٢) في ص: "يشرط"، وفى م، س: "شرط"، وفى ت ١، ت ٢، ت ٣: "بشرط". والمثبت من تاريخ المصنف. والمسوط: خشبة أو غيرها يحرَّك بها ما في القدر وغيرها ليختلط. ينظر اللسان (س و ط). وقربان اليهود هو التقدمة - كما في سفر صموئيل الأول، العهد القديم، أصحاح ٣/ ١٤ - وكانت من دقيق مع =