للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(مَنْ فَرَّ مِنْ ثَلَاثَةٍ فَلَمْ يَفِرَّ، وَمَنْ فَرَّ مِنَ اثْنَيْنِ فَقَدْ فَرَّ -يَعْنِي مِنَ الزَّحْفِ-) [رواه ابن أبي شيبة].

الثاني: أن لا يقصِدَ بفِرارِه التَّحَيُّز إلى فِئِةٍ، ولا التَّحَرُّف لقِتالٍ؛ فإن قصد أحد هذين الأمرين أُبيح له الفِرار؛ لقول الله تعالى: ﴿وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ [الأنفال: ١٦].

والتحرُّف للقتال: هو أن ينحاز إلى موضعٍ يكون القتال فيه أمكن.

والتحيُّز إلى فئة: هو أن يذهب إلى فئة من المسلمين ليكون معهم، فيَقْوَى بهم على عدوِّه، سواء بَعُدَت المسافة أو قَرُبَت.

- فإن كان العدوُّ أكثر من ضِعْف المسلمين، وغلب على ظنِّهم الهلاك في الثبات، والسلامة في الفِرار، فالأَوْلَى لهم الانصراف؛ حِفْظاً للنفوس.

- وإن غَلَبَ على ظنِّهم الظَّفَر سُنَّ لهم الثبات؛ لما فيه من المصلحة، والنكاية بالعدوِّ.

- وإن غَلَبَ على ظنِّهم الهلاك في الثبات والفِرار، فالأَوْلَى لهم الثبات؛ لينالوا درجة الشُّهداء المُقْبِلين على القتال مُحْتَسِبين، فيكونوا أفضل من المُولِّين، ولجواز أن يَغْلبوا عدوَّهم؛ قال تعالى: ﴿كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ [البقرة: ٢٤٩].