ج- ولا يتطوَّع بالجهاد مَنْ أَحَدُ أبويه حُرٌّ مسلمٌ إلَّا بإذنه؛ لما روى عبد الله ابن عَمْرو ﵄ قال:(جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَاسْتَأْذَنَهُ فِي الجِهَادِ، فَقَالَ: أَحَيٌّ وَالِدَاكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ)[رواه البخاري]، ولأنَّ بِرَّ الوالدين فَرْضُ عَيْنٍ، والجهاد فَرْضُ كفايةٍ، وفَرْضُ العَيْن مُقدَّمٌ.
فإن كان والداه غير مُسْلِمَيْن، أو رَقيقَيْن، أو غير عاقِلَيْن، فلا إِذْنَ لهما؛ لفعل الصحابة، ولعدم الولاية.
* الفِرار مِنَ الزَّحْفِ:
يجبُ على المسلمين إذا التقوا بالكُفَّار أن يَثْبُتوا، ويَحرُمُ عليهم الفِرارُ؛ لقول الله ﷿: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ﴾ [الأنفال: ١٥]. وقد عدَّ النبيُّ ﷺ الفِرارَ من الزَّحْف من كبائر الذُّنوب؛ فعن أبي هريرة ﵁، عن النبيَّ ﷺ قال:(اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ)، وذكر منها:(وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ)[رواه البخاري، ومسلم].
ويجب الثبات بشرطين:
الأوَّل: أن لا يزيد عدد الكفَّار على ضِعْف عدد المسلمين؛ فلا يحلُّ للمسلمين الفِرارُ من مِثْلَيْهِم من الكفَّار، ولو ظنَّوا حصول التَّلف؛ لقول الله تعالى: ﴿الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ [الأنفال: ٦٦]. وكذا يحرم فرار مسلمٍ واحدٍ من اثنين كافرين؛ قال ابن عبَّاسٍ ﵄: