للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

١٠-* (عن المنذر بن جرير عن أبيه قال: كناّ عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في صدر النّهار قال: فجاءه قوم حفاة عراة مجتابي النّمار أو العباء متقلّدي السّيوف عامّتهم من مضر، بل كلّهم من مضر، فتمعّر «١» وجه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لما رأى بهم من الفاقة «٢» . فدخل ثمّ خرج فأمر بلالا فأذّن وأقام فصلى، ثمّ خطب فقال:

يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ (النساء:/ الآية ١) إلى آخر الآية. إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً. والآية الّتي في الحشر: اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ (الآية:/ ١٨) تصدّق رجل من ديناره، من درهمه، من ثوبه، من صاع برّه، من صاع تمره (حتّى قال) : «ولو بشقّ تمرة» قال:

فجاء رجل من الأنصار بصرّة كادت كفّه تعجز عنها.

بل قد عجزت قال: ثمّ تتابع النّاس حتّى رأيت كومين من طعام وثياب حتّى رأيت وجه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يتهلّل كأنّه مذهبه «٣» فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من سنّ في الإسلام سنّة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سنّ في الإسلام سنّة سيّئة كان عليه وزرها، ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء» ) * «٤» .

١١-* (عن أبي زهير الثّقفيّ- رضي الله عنه- قال: خطبنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالنّباوة أو البناوة (قال: والنّباوة من الطّائف) قال: «يوشك أن تعرفوا أهل الجنّة من أهل النّار» . قالوا: بم ذاك يا رسول الله؟

قال: «بالثّناء الحسن والثّناء السّيّء. أنتم شهداء الله، بعضكم على بعض» ) * «٥» .

١٢-* (عن ابن عمر- رضي الله عنهما- قال: خطبنا عمر بالجابية فقال: يا أيّها النّاس إنّي قمت فيكم كمقام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فينا فقال: «أوصيكم بأصحابي، ثمّ الّذين يلونهم ثمّ الّذين يلونهم، ثمّ يفشو الكذب حتّى يحلف الرّجل ولا يستحلف، ويشهد الشّاهد ولا يستشهد، ألا لا يخلونّ رجل بامرأة إلّا كان ثالثهما الشّيطان، عليكم بالجماعة، وإيّاكم والفرقة؛ فإنّ الشّيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد، من أراد بحبوحة الجنّة «٦» فليلزم الجماعة، من سرّته حسنته وساءته سيّئته فذلك المؤمن» ) * «٧» .

١٣-* (عن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- قال: دخلت على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وهو يوعك فقلت: يا رسول الله، إنّك توعك «٨» وعكا شديدا قال:


(١) تمعر: أي تغيّر.
(٢) الفاقة: الفقر والحاجة.
(٣) مذهبة: هي شيء كانت العرب تصنعه من جلود وتجعل فيها خطوطا مذهبة يرى بعضها إثر بعض.
(٤) مسلم (١٠١٧) .
(٥) ابن ماجة (٤٢٢١) وفي الزوائد: إسناده صحيح ورجاله ثقات، ورواه أحمد (٣/ ٤١٦) ، (٦/ ٤٤٦) ، والحاكم في المستدرك (١/ ١٢٠) ، وصحح إسناده ووافقه الذهبي.
(٦) بحبوحة الجنة: أوسطها وأوسعها وأرجحها.
(٧) الترمذي (٢١٦٥) واللفظ له وقال: هذا حديث حسن صحيح، وأحمد (١/ ١١٨) ، والحاكم في المستدرك (١/ ١١٤) وصححه ووافقه الذهبي.
(٨) توعك: الوعك قيل هو: الحمى. وقيل: ألمها.