صحيحا يضبط حركته سليمة صحيحة، فالإنسان لكي يجعل نفسه في صورة إنسانية مرضية ينبغي أن يكون له في حياته أسلوبه الخاص الذي يميزه عن غيره، ويتمثل ذلك في مجموعة من القواعد الخلقية، والمثل العليا التي يلزم نفسه بها ويسير على منهاجها طوعا وتزيد فرادته في قوة خلقه ومثابرته في التمسك بها، وعندما ينعدم وجود هذه المباديء والمثل تفقد الحياة دوافعها ومعانيها، بل تبدو راكدة غير منتجة، ويضمحل الإنسان وتهمد إرادته بافتقادها الهدف والمبدأ والخلق والقيمة.
وهذا يعطينا مؤشرا هاما على أهمية القيم الخلقية في بناء الإنسان، وكذا أهميتها كمصدر من مصادر الأهداف التي ترتجى وتؤمل في نمو الشخصية المسلمة في المجتمع.
٣- إن هذه القيم والمباديء والأهداف تحتويها ثقافة المجتمع المسلم باعتبارها الإطار المرجعي لكافة سلوكيات الفرد والجماعة، وهي التي تمثل القيم والأخلاق والمهارات والأذواق وما إلى ذلك مما يكتسبه الإنسان وتشكل شخصيته القيمية والأخلاقية.
وهذه الثقافة تقوم على مبدأ التوحيد حيث تشتق منه وتدور حوله كافة القيم الإسلامية باعتبارها معايير واقعية توجه جميع أفعال الفرد في مختلف المواقف الفردية والاجتماعية، وباعتبارها تصورا للمعاني الكلية المسئولة عن الأحكام التي يصدرها الفرد على أي موضوع أو موقف، ويرى الفرد فيها شيئين: الحق والخير، وهذه لا تتم إلا بالاتصال بين الأجيال.
إن التوحيد، ومجموعة الأحكام المعيارية بما فيها الأخلاق لا يتحققان إلا في ثقافة هيئة اجتماعية وفي ذوات إنسانية، فالفرض يكتسب قيمه الخلقية من المصدرية الجماعية، ومن خلال التفاعل مع الجماعة يمتص الفرد القيم الخلقية وتنمو لديه الأحكام الخلقية، ويحرص المجتمع الحرص الشديد الأكيد على إكساب الفرد القيم الخلقية، حتى تصبح سمة من سمات شخصيته بل إنها في الحقيقة تعتبر الأساس الجوهري لبناء شخصيته.
٤- إن تنمية القيم الخلقية لدى الإنسان المسلم تعتمد على تكوين الوازع الداخلي في الفرد منذ الطفولة الأولى حيث يؤمن الفرد بالقيم، ويكتسبها ويتشربها ويضيفها إلى إطاره المرجعي للسلوك، ويتم ذلك من خلال التنشئة الاجتماعية، وعن طريق التفاعل الاجتماعي يتعلم الفرد أن مواقفه يجب أن تتسم بالخلقية وذلك حتى يشارك في حياة المجتمع بفاعلية.
[وبعد فإن منهج الإسلام في تكوين القيم الخلقية يتأتى كما يلي:]
باستطلاع الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، تطالعنا طريقة فذة في معالجة القيم الخلقية من حيث تكوينها لدى الفرد المسلم والجماعة المسلمة. وقد أتى الإسلام لا ليصطدم مع الطبيعة البشرية بل ليضبطها، ويفجر أحسن ما فيها، وقد أقام السلوك على أساس خلقي ضابط بوعي واختيار واع وذلك كما يلي: