لا تسبّنّني فلست بسبّي ... إنّ سبّي من الرّجال الكريم
ما أبالي أنبّ بالحزن تيس ... أم لحاني بظهر غيب لئيم
ولي البأس منكم إذ رحلتم ... أسرة من بني قصي صميم
تسعة تحمل اللواء وطارت ... في رعاع من القنا مخزوم
وأقاموا حتّى أبيحوا جميعا ... في مقام وكلهم مذموم
بدم عاتك وكان حفاظا ... أن يقيموا إن الكريم كريم
وقريش تفرّ منا لواذا ... أن يقيموا وخفّ منها الحلوم
لم تطق حمله العواتق منهم ... إنما يحمل اللواء النّجوم «١»
وقال كعب بن مالك في يوم أحد:
سائل قريشا غداة السّفح من أحد ... ماذا لقينا وما لاقوا من الهرب
كنا الأسود وكانوا النّمر إذ زحفوا ... ما إن نراقب من آل ولا نسب
فكم تركنا بها من سيّد بطل ... حامي الذمار كريم الجدّ والحسب
فينا الرّسول شهاب ثم يتبعه ... نور مضيء له فضل على الشّهب
الحق منطقه والعدل سيرته ... فمن يجبه إليه ينج من تبب
نجد المقدّم، ماضي الهمّ معتزم ... حين القلوب علي رجف من الرّعب
يمضي ويذمرنا من غير معصية ... كأنه البدر لم يطبع على الكذب
بدا لنا فاتّبعناه نصدّقه ... وكذّبوه فكنّا أسعد العرب
جالوا وجلنا فما فاءوا وما رجعوا ... ونحن نثفنهم لم نأل في الطّلب
ليسا سواء وشتّى بين أمرهما ... حزب الإله وأهل الشّرك والنّصب
(١) ابن هشام- السيرة ٣/ ١٤٩- ١٥٠، قال ابن هشام عن هذه القصيدة بأنها أحسن ما قيل.