للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الجمحي الشاعر الذي كان النبي صلّى الله عليه وسلّم قد منّ عليه فأطلقه من أسره ببدر دون فداء واشترط عليه بألّا يحارب المسلمين. وقد حاول الاعتذار غير أن النبي صلّى الله عليه وسلّم حسم الموقف فأمر الزبير بضرب عنقه «١» .

لقد حققت غزوة حمراء الأسد أهدافها المرجّوة فقد أظهرت قدرة المسلمين- وهم في أحلك الظروف- على التصدي لخصومهم. كما أنها بيّنت أنهم إذا كانوا قادرين على متابعة التحرك العسكري خارج المدينة بقسم من قواتهم فإنهم لا شك أقدر على مواجهة أعدائهم داخل المدينة من اليهود والمنافقين وبقايا المشركين. وحفلت كتب السيرة بالكثير من الشعر الصحيح والمنحول في تبيان وجهتي النظر المتصارعتين في معركة أحد ومن ذلك قول شاعر النبي صلّى الله عليه وسلّم حسّان بن ثابت الأنصاري في التعريض بزعماء قريش في هذه المناسبة «٢» :

سقتم كنانة جهلا من سفاهتكم ... إلى الرّسول فجند الله مخزيها

أوردتموها حياض الموت ضاحية ... فالنار موعدها والقتل لاقيها

جمّعتموها أحابيشا بلا حسب ... أئمّة الكفر غرّتكم طواعيها

ألا اعتبرتم بخيل الله إذ قتلت ... أهل القليب ومن ألقينه فيها

كم من أسير فككناه بلا ثمن ... وجزّ ناصية كنّا مواليها

وقال حسان في قصيدة أخري يرد فيها على ابن الزبعري: «٣»

أشاقك من أمّ الوليد ربوع ... بلاقع ما من أهلهنّ جميع

عفاهنّ صيفيّ الريّاح وواكف ... من الدلو رجّاف السّحاب هموع

فلم يبق إلّا موقد النّار حوله ... رواكد أمثال الحمام كنوع

فدع ذكر دار بددت بين أهلها ... نوى لمتينات الحبال قطوع

وقل إن يكن يوم بأحد يعدّه ... سفيه فإنّ الحقّ سوف يشيع

فقد صابرت فيه بنو الأوس كلهم ... وكان لهم ذكر هناك رفيع


(١) البخاري- الصحيح (فتح الباري- حديث ٦١٣٣) ، ابن هشام- السيرة ٣/ ١٥٢ بلاغا عن ابن المسيّب.
(٢) ابن هشام- السيرة ٣/ ١٣٢.
(٣) المرجع السابق ٣/ ١٤٢- ١٤٣.