للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تعرّضوا له، فتبسّم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حين رآهم وقال:

«أظنّكم سمعتم بقدوم أبي عبيدة وأنّه جاء بشيء» .

قالوا: أجل يا رسول الله، قال: «فأبشروا وأمّلوا ما يسرّكم، فو الله ما الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدّنيا كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، وتلهيكم كما ألهتهم» ) * «١» .

٢٧-* (عن عبد الله بن عمرو- رضي الله عنهما- أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم تلا قول الله- عزّ وجلّ- في إبراهيم: رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي (إبراهيم/ ٣٦) . وقال عيسى عليه السّلام: إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (المائدة/ ١١٨) ، فرفع يديه وقال: اللهمّ أمّتي أمّتي وبكى. فقال الله- عزّ وجلّ-: يا جبريل اذهب إلى محمّد وربّك أعلم فسله ما يبكيك؟. فأتاه جبريل عليه الصّلاة والسّلام فسأله فأخبره رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بما قال- وهو أعلم- فقال الله:

يا جبريل اذهب إلى محمّد فقل إنّا سنرضيك في أمّتك ولا نسوؤك» ) * «٢» .

٢٨-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «إنّي لأنقلب إلى أهلي، فأجد التّمرة ساقطة على فراشي فأرفعها لآكلها، ثمّ أخشى أن تكون صدقة فألقيها» ) * «٣» .

٢٩-* (عن أنس بن مالك- رضي الله عنه- قال: جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يسألون عن عبادة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم. فلمّا أخبروا كأنّهم تقالّوها، فقالوا: وأين نحن من النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم؟، قد غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر، قال أحدهم: أمّا أنا فأنا أصلّي اللّيل أبدا، وقال آخر: قال أحدهم: أمّا أنا فأنا أصلّي اللّيل أبدا، وقال آخر: أنا أصوم الدّهر ولا أفطر، وقال آخر: أنا أعتزل النّساء فلا أتزوّج أبدا.

فجاء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: «أنتم الّذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله إنّي لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكنّي أصوم وأفطر، وأصليّ وأرقد، وأتزوّج النّساء، فمن رغب عن سنّتي فليس منّي» ) * «٤» .

٣٠-* (عن أبي سعيد الخدريّ- رضي الله عنه- قال: قام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فخطب النّاس فقال:

«لا والله ما أخشى عليكم أيّها النّاس إلّا ما يخرج الله لكم من زهرة الدّنيا» . فقال رجل: يا رسول الله أيأتي الخير بالشّرّ «٥» ؟ فصمت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ساعة. ثمّ قال: «كيف قلت؟» . قال: قلت: يا رسول الله أيأتي الخير بالشّرّ؟ فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ الخير لا يأتي إلّا بخير «٦» . أو خير هو «٧» ؟ إنّ كلّ ما ينبت


(١) البخاري- الفتح ١١ (٦٤٢٥) واللفظ له، ومسلم (٢٩٦١) .
(٢) مسلم (٢٠٢) .
(٣) البخاري الفتح ٥ (٢٤٣٢) واللفظ له، ومسلم (١٠٧٠) .
(٤) البخاري- الفتح ٩ (٥٠٦٣) واللفظ له، ومسلم (١١٠٨) .
(٥) أيأتي الخير بالشر: أي إن ما يحصل لنا في الدنيا من خير إذا كان من جهة مباحة فهل يترتب عليه شر؟.
(٦) إن الخير لا يأتي الا بخير: أي إن الخير الحقيقي لا يأتي إلا بالخير.
(٧) أو خير هو: أي إن هذا الذي يحصل لكم من زهرة الدنيا ليس بخير وإنما هو فتنة.