(وعذاب القبر) أُخِّر عن الكُلِّ؛ لأنه يترتب بعدَه على المجرمين، فكان الأول مقدمةً له وعلامةً، وكذا:
(فتنة النار) كأنها نحو سؤال الخزنة على سبيل التوبيخ؛ قال تعالى:{كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ}[الملك: ٨].
(فتنة الغنى) هي الطغيان والبَطَر، وعدم تأدية الزكاة، وإنما زاد لفظ:(شرّ فتنة)، دون الفقر ونحوه؛ للتصريح بما فيه من الشر، وأنّ مضرته أكثرُ من مضرة غيره، أو تغليظًا على الأغنياء، حتى لا يغتروا بغناهم، ولا يغفلوا عن مفاسده، أو إيماء إلى صور أُخرى لا خير فيها؛ بخلاف صورته؛ فإنها قد تكون خيرًا.
(والبَرَد) بفتح الراء: حَبُّ الغمام، والماء وإن كان الغالب الاستظهار به في إزالة الأوساخ؛ لكن قال (خ): هذه أمثال لم يرد بها أعيان المسميات؛ بل التوكيد في التطهير من الخطايا، والمبالغة في محوها، والثلجُ والبردُ ماءان مقصوران على الطهارة، لم تمسهما الأيدي، ولم يمتهنهما استعمال؛ فكان ضرب المثل بهما أوكدَ، وتقدم في (الصلاة) أوجهٌ أُخَر في ذلك.
قال (ك): ويحتمل أنه جعل الخطايا بمنزلة نار جهنم؛ لأنها تؤدي إليها، فجعل إطفاء حرارتها بالغسل؛ تأكيدًا في الإطفاء، وبالغ فيه باستعمال المبردات ترقيًا عن الماء إلى أبردَ منه، وهو الثلج، ثم إلى أبردَ، وهو البَرَدُ؛ بدليل جمودِه.