مُدَّةً حتى قَدِمَها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأتاه بصدَقةٍ، فلم يأْكُلْها، ثم أتى بهديةٍ، فأكل منها، ثم رأَى خاتَم النبوَّة، وكان الرَّاهب وصَفَ له هذه العلامات الثَّلاث للنبيِّ، فأجلسَه بين يديه - صلى الله عليه وسلم -، وحدَّثه بشأْنه كله، فأسلَم، وصار من عُلماء الصحابة وزُهَّادِهم.
وروي أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اشتراه على العِتْق، والمشهور أنَّه - صلى الله عليه وسلم - قال له:"يا سَلْمان، كاتِبْ عنْ نَفْسِكَ"، فكاتبَه على أنْ يَغرِسَ ثلاث مائة نخلةٍ، وأربعين وقيَّةً من ذهب، فغرَس له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيَدِه المُباركة الكُلَّ، وقال:"أَعِيْنُوا أخاكُم"، فأَعانوه حتى أُدِّي كلُّه.
وقال - صلى الله عليه وسلم -: "سَلْمان منا أهلَ البَيتِ" حين تَنازع الأنصار والمهاجرون فيه، إذْ قسَم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حفْر الخنْدق عليهم، فقال الأنصار: سَلْمان منا، وقال المهاجرون: سَلْمان منا، وولَّاه عُمر العِراق في خلافته.
وكان يعمَل الخُوص بيده فيأْكُل منه، عاش مائتين وخمسين سنةً بلا خلافٍ، وقيل: ثلاث مائةٍ وخمسين، وقيل: إنَّه أَدرك وصيَّ عيسى بن مريم - عليه السلام -، وماتَ بالمَدائن سنة ستٍّ وثلاثين.