حِجابَ يمنعَ مثْل ما كشَفه عن المسجد الأَقصى حتى وصفَه للناس، فالرُّؤية أمرٌ يخلقُه الله في الرَّائي لا بشَرْط مقابلةٍ، ولا مُواجهةٍ، ولا خُروج شُعاعٍ؛ لأنَّ هذه شُروطٌ عاديَّةٌ يمكن انفِكاكها عقلًا، وإما رُؤية عِلم ووحي بإِطْلاعه وتعريفه مِن أُمورها تفصيلًا بما لم يكُن يعرفُه قبل ذلك.
(ألا أُريته) الاستثناء متصلٌ؛ لأنَّه مفرَّغٌ، قال النُّحاة: وكلُّ مُفرَّغٍ متصِلٌ، والتفريغ من الحال، أي: لم أكُن أُريتُه كائنًا في حالةٍ من الأحوال إلا حالَ رُؤيتي إيَّاه، ولذلك جاز استثناء الفعل بهذا التَّأْويل، نعَمْ، العُموم في قوله: ما مِنْ شيءٍ، وشيءٌ أعمُّ العامِّ، ووقَع في نفيٍ، وبعض الأشياء لا تصحُّ رُؤيته؛ لأنَّه قد خُصَّ؛ إذ ما مِن عامٍّ إلا وخُصَّ إلا في نحو:{وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}[البقرة: ٢٨٢]، والمخصص يكون عقليًّا وعُرفيًّا، فهذا خصَّصه العقْل بما يصحُّ، أو الحسُّ كما في:{وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ}[النمل: ١٦]، أو العُرف بما يَليق إبصارُها به مما يتعلَّق بأَمْرِ الدِّين والجَزاء ونحوهما، نعَمْ، يَدخُل في العُموم أنَّه رأَى الله تعالى.
(مقامي) يحتمل المصدر، والمكان، والزمان.
(حتى الجنة) إن كانت عاطفةً فما بعدها منصوبٌ عطْفًا على المفعول في (رأَيته)، أو ابتدائيةً فمرفوعٌ، أو جارَّةً فمخفوضٌ؛ نحو: أَكلْتُ السَّمَكَةَ حتَّى رأْسِها.