للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لصاحب القصر يصرفه فى مصالحه». فأنكر شاور ذلك وقال: إنما طلبت نجدة وإذا انقضى شغلى عادوا؛ وقد سيّرت إليكم نفقة فخذوها وانصرفوا وأنا أرضى نور الدّين. فقال شيركوه:

لا يمكننى مخالفة نور الدّين ولا أنصرف إلاّ بإمضاء أمره.

فأخذ شاور عند ذلك يستعدّ لمحاربة شيركوه، واستعدّ أيضا شيركوه، وبعث بابن أخيه صلاح الدّين بطائفة من الجيش يجمع الغلال والأتبان وغير ذلك ببلبيس. فغلق شاور أبواب القاهرة، وتغلّب صلاح الدين على الحوف (١)، وبثّ خيله، وحاز الأموال والغلال. وتقدّم إلى جزيرة قويسنا (٢)، فخرج ثلاثة من الأستاذين بأمر الخليفة إلى استنفار النّاس من الصّعيد؛ وثار ابن شاس، والى جزيرة قويسنا، على الترك وقاتلهم حتّى هزمهم وغرق منهم جماعة. فعاد صلاح الدّين إلى عمّه شيركوه، فتجهّز ونزل بحرىّ التّاج.

وأخرج شاور خيمه وضربها فى أرض الطّبالة (٣). فلمّا كان يوم الأربعاء الثالث والعشرون من شعبان التقى شاور وشيركوه فى كوم الرّيش (٤)، فانكسر شاور إلى باب القنطرة ونهبت خيمه، وأسر أخوه صبح وجوهر المأمونى؛ ودخل القاهرة فرمى بحجر من باب القنطرة


(١) هما منطقتان: الحوف الغربى، ويقع غربى فرع رشيد ويشمل محافظة البحيرة، والحوف الشرقى وكان يشمل معظم محافظة الدقهلية أو محافظتى الشرقية والقليوبية وهو المقصود هنا يؤكد هذا عبارة أبى شامة: «وحكم على البلاد الشرقية كتاب الروضتين: ٣٣٥:١.
(٢) وهى أيضا جزيرة قوسينا، وقويسنا من محافظة الغربية بمركز الجعفرية غربى ترعة الخضراوية بمسافة ثمانمائة متر، وفى الشمال الشرقى لناحية بجيرم على بعد نحو ألف وستمائة متر، وفى شمال شبرى ريس على بعد ألف وخمسمائة متر بتقديرات على مبارك. الخطط التوفيقية: ١٤١:١٤ - ١٤٢؛ انظر أيضا معجم البلدان: ١٠٣:٣؛ قوانين الدواوين: ٨٩، ١١٢، ١٢٢، ١٢٥، ١٨١، ١٨٢، ٣٤٣.
(٣) فى هذا الموضع بهامش الأصل عبارة نصها «بخطه. لما نزل شاور بالقاهرة وترك دار الوزارة وفسد ما بينه وبين شيركوه أنفذ ظهير الدين بدران إلى الفرنج ليستنجدهم، فلما تحقق شيركوه ذلك رحل من أرض الطبالة». اهـ.
(٤) بلدة بين أرض البعل ومنية الشيرج، كان النيل يمر بغربيها بعد مروره بغربى أرض البعل، وكانت من أجل متنزهات القاهرة يرغب أعيان الناس فى سكناها للتنزه بها. وفى سنة ست وثمانمائة زاد النيل وخرب الدرب الذى كان يصل بينها وبين أرض الطبالة فتوالت بعد ذلك المحن وخربتها. وفى ذلك قال المقريزى:
قفرا كأن لم تك تلهو بها … فى نعمة وأوانس أتراب
المواعظ والاعتبار: ١٣٠:٢.