للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأكرمه وأبرّه، وأقام عنده ثلاثة أشهر. ثم أنفذ إلى دمشق، واستفسد من الأتراك بها من قدر عليه.

وفيها خربت الأثارب (١) من زلزلة؛ وزلزلت دمشق أيضا (٢).

وفيها مات الأعزّ قاضى القضاة أبو المكارم أحمد بن عبد الرحمن بن أبى عقيل، فى شعبان، فأقام منصب القضاء بغير قاض ثلاثة أشهر؛ ثم اختير الفقيه أبو العبّاس أحمد ابن الحطيئة فى ذى القعدة، فاشترط ألا يحكم بمذهب الدّولة، فلم يمكّن من ذلك. وكان الوزير رضوان قد تقدّم إلى الفقيه أبى عبد الله محمّد بن عبد المولى بن عبد الله محمّد بن عقبة اللّخمى، المعروف بابن اللّبنى (٣)، المغربىّ المالكىّ، أن يعقد الأنكحة. فلمّا كان فى الحادى عشر من ذى القعدة قرّر الحافظ فى قضاء القضاة القاضى فخر الأمناء أبا الفضائل هبة الله بن عبد الله بن الحسين بن محمّد الأنصارى الأوسى، المعروف بابن الأزرق.


(١) يقع حصن الأثارب بين حلب وأنطاكية على ثلاثة فراسخ من حلب. معجم البلدان ١٠٥:١ - ١٠٦.
(٢) يتحدث ابن القلانسى عن سلسلة من الزلازل حدثت بالبلاد الشامية فى هذه السنة، فى شهر صفر، فمن ذلك مثلا: فى يوم الثلاثاء الرابع من صفر جاءت فى دمشق زلزلة هائلة بعد الظهر اهتزت بها الأرض عدة مرات، وفى ليلة الاثنين التاسع عشر، فى الثلث منها، عادت الزلزلة ثلاث مرات، ثم عادت فى ليلة الأربعاء، ثم فى ليلة الجمعة. وكانت الزلازل فى حلب وما والاها أشد ما يكون .. ويذكر بعض المحققين أن الزلزلة جاءت تقدير مائة مرة وقدرها آخرون بثمانين مرة. ويذكر ابن الأثير أن هذه الزلازل المخربة شملت الشام والجزيرة وديار بكر والموصل والعراق وغيرها فهلك تحت الهدم عالم كثير. وكان قد حدث مثلها فى السنة السابقة. ذيل تاريخ دمشق: ٢٦٨؛ الكامل: ٢٥:١١، ٢٧ - ٢٨.
(٣) بهامش الأصل: «بخطه. لبنى من قرى المهدية بضم اللام وسكون الباء الموحدة … » ويقول ياقوت لبنة من قرى المهدية، (بضم اللام وسكون الباء وفتح النون)، وإليها ينسب أبو محمد بن عقبة اللخمى اللبنى (المذكور بالمتن فى غالب الظن)، ولد بالمغرب وسكن مصر وشهد بها (أى عمل ضمن شهود القضاء) وناب عن قاضيها فى الأحكام، وكان يتعاطى الكلام. معجم البلدان: ٣٢١:٧.