للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأولى. وكان حلو الوعظ، إلاّ أنه تعرّض فى آخر عمره لما لا يعنيه، فنفاه الحافظ إلى دمياط؛ وذلك أن الآمر لمّا مات ترك جارية حاملا، فقام الحافظ بعده فى الخلافة على أن يكون كفيلا للحمل حتى يكبر، فاتّفق أنّه ولد وخافت أمّه عليه من الحافظ، فجعلته فى قفّة من خوص وجعلت فوقه بصلا وكرّاثا وجزرا حتى لا يفطن به، وبعثته فى قماطه تحت الحوائج فى القفّة إلى القرافة، وأدخل به إلى مسجد أبى تراب الصوّاف (١)، وأرضعته المرضعة، وخفى أمره عن الحافظ حتى كبر، وكان يعرف بين الصبيان بقفيفة.

فلمّا حان نفعه نمّ عليه ابن الجوهرى هذا إلى الحافظ، فأخذ الصبىّ وفصده، فمات، وخلع على ابن الجوهرى ثم نفاه إلى دمياط فمات بها.


(١) مسجد أبى تراب فى رحبة أبى تراب بين الخرنشف وحارة برجوان. يقول المقريزى: «ويزعم العامة ومن لا خلاق له أن به قبر أبى تراب النخشبى، وهذا أقبح الكذب لأن أبا تراب النخشبى، وهو عسكر بن حصين، صحب حاتما الأصم وغيره، وقد مات بالبادية، نهشته السباع سنة خمس وأربعين ومائتين قبل بناء القاهرة بنحو مائة وثلاث سنين». ويروى «أن شخصا حفر فى هذا الموقع ليبنى دارا فظهرت له شرافات، فما زال يتابع الحفر حتى ظهر هذا المسجد فقال الناس هذا أبو تراب من حينئذ. ويؤيد هذا أنى أدركت هذا المسجد محفوفا بالكيمان من جهاته وهو نازل فى الأرض ينزل إليه بنحو عشر درج» … ثم يقول: «وأنا قرأت على بابه رخامة منقوشة بالخط الكوفى تتضمن أن هذا قبر أبى تراب حيدرة بن المستنصر بالله أحد الخلفاء الفاطميين». اهـ. المواعظ والاعتبار: ٤٩:٢ - ٥٠.