فلمّا وقف حسن على الورقة قامت قيامته. فلمّا اجتمع أولئك الأمراء فى داره للسّلام عليه أمر صبيان الزّرد الذين اختارهم وصار يثق بهم فقتلوهم بأجمعهم، وأخذ ما فى دورهم.
فاشتدّت مصيبة الدّولة بفقد من قتل من الأمراء الذين كانوا أركان الدّولة، وهم أصحاب الرأى والمعرفة، فوهت واختلّت لقلّة الرّجال وعدم الكفاة.
ومن حين قتل حسن الأمراء تخوّفه باقى الجند ونفرت نفوسهم منه فإنه كان جريئا عنيفا بحّاثا عن الناس يريد إقلاب الدّولة وتغييرها لتقدّم أصحابه، فأكثر من مصادرة الناس، وقتل سراج الدين أبا الثريا نجما فى يوم الخميس ثامن شوال. وكان أبو الثريا فى أوّل أمره خاملا فى الناس، ثم سمع قوله فى العدالة أيّام الآمر. فلمّا قبض أحمد بن الأفضل على أبى الفخر وسجنه عنده بدار الوزارة، وقد كان الداعى أيام الآمر، طلب من يكون داعيا، فاستخدم نجما هذا داعيا ولم يقف على ما كان عنده من الدّهاء. فلمّا كان فى وزارة يانس جمع إليه الحكم مع الدّعوة؛ فلمّا مات يانس وانفرد الحافظ بالأمر بعده حظى نجم عنده ورقّاه إلى أعلى المراتب، وصار يدبّر الدولة. وحسّن عنده نصرة طائفة الإسماعيلية والانتقام ممّن كان يؤذيهم فى أيام أحمد بن الأفضل، فتأذّى بهذا خلق كثير، وأثبت طائفة سمّاهم المؤمنين وجعل لهم زماما قتله حسن بن الحافظ. ولما قتل الشريف بن العباس وأخذ نجم يعادى أمراء الدّولة ورؤساءها ولا ينظر فى عاقبة - وكانوا قد حسدوه على قربه من الحافظ وتمكنه منه ومطاوعته له بحيث لا يعمل شيئا إلا برأيه - فلمّا تمكّن حسن بن الحافظ أغروه به فقتله وقتل معه جماعة. وردّ القضاء لابن ميسّر وخلع عليه فى يوم الخميس ثانى ذى القعدة.
وفيها مات القاضى المكين أبو طالب أحمد بن عبد المجيد بن أحمد بن الحسين بن حديد بن حمدون الكنانى قاضى الإسكندرية بثغر رشيد، وقد عاد من القاهرة فى جمادى الآخرة؛ ومولده ستة اثنتين وستين وأربعمائة. وكانت له مدة فى القضاء؛ وهو الذى كان سببا فى اغتيال أبى الصلت أمية الأندلس. وقد ذكره السلفى وأثنى عليه، ورثى بعدة قصائد.
وفيها مات أبو عبد الله الحسين بن أبى الفضل بن الحسين الزاهد النّاطق بالحكم، المعروف بابن بشرى الجوهرى، الواعظ ابن الواعظ ابن الواعظ ابن الواعظ، فى جمادى