للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدّول، المحامى عن حوزة الدّين، وناشر جناح العدل على المسلمين، الأقربين والأبعدين، ناصر إمام الحقّ فى حالى غيبته وحضوره، والقائم فى نصرته بماضى سيفه وصائب رأيه وتدبيره، أمين الله على عباده، وهادى القضاة إلى اتباع شرع الحقّ واعتماده، ومرشد دعاته المؤمنين إلى واضح بيانه وإرشاده، مولى النّعم، رافع الجور عن الأمم، مالك فضيلتى السيف والقلم؛ أبو على أحمد بن السّيّد الأجلّ الأفضل أبى القاسم شاهنشاه أمير الجيوش».

وكانت مدّة تحكمه سنة وشهرا وعشرة أيّام (١)؛ ثم حمل بعد قتله ودفن بتربة أمير الجيوش (٢)، ظاهر باب النصر.

وخلع على السّعيد أبى الفتح يانس الأرمنى، صاحب الباب، خلع الوزارة؛ وكان من غلمان الأفضل بن أمير الجيوش العقلاء، وله هيبة، وعنده تماسك فى الأمور وحفظ للقوانين.

فهدأت الدّهماء وصلحت الأحوال؛ واستقرّت الخلافة للحافظ؛ وحمل جميع ما كان قد نقل إلى دار الوزارة من الأموال والآلات وأعيد إلى القصر.

ولم يحدث يانس شيئا؛ إلاّ أنّه تخوّف من صبيان الخاصّ، وحدثته نفسه أنهم قد جسروا على الملوك، وأنه ربّما غضبوا منه ففعلوا به ما فعلوه بغيره؛ وأحسّوا منه بذلك فتفرّقوا عنه.

فلمّا تأكدت الوحشة بينهم وبينه ركب فى خاصّته وغلمانه وأركب العسكر، والتقوا قبالة باب التّبّانين (٣) بين القصرين، فقتل منهم ما يزيد عن ثلاثمائة فارس من أعيانهم، فيهم قتلة أبى على أحمد بن الأفضل. وكانوا نحو خمسمائة فارس، فكسر شوكتهم وأضعفهم فلم يبق منهم من يؤبه له ولا يعتدّ به، فقوى أمر يانس وعظم شأنه.

وكانت له فى النفوس مكانة، فثقل على الحافظ وتخيّل منه، فأحسّ بذلك، وصار


(١) صحة هذا كما ذكر النويرى: سنة وشهران وثلاثة عشر يوما. ذلك أن الحافظ تولى الخلافة فى الثانى، أو الرابع، من ذى القعدة سنة أربع وعشرين، كما تقدم، وتولى الأكمل الوزارة بعد ذلك بيومين وبقى فيها إلى يوم مقتله فى سادس عشر المحرم من هذه السنة.
(٢) كانت تربة أمير الجيوش بدر الجمالى أول تربة أنشئت بمقابر باب النصر، خارج الباب، فى المنطقة التى كانت تعرف برأس الطابية. المواعظ والاعتبار: ٤٦٣:٢.
(٣) باب التبانين من أبواب القصر الفاطمى الغربى، مكانه زمن المقريزى باب قبو الخرنشف (الخرنفش)، وفى موضعه بنيت دار العلم الجديدة. المواعظ والاعتبار: ٤٥٨:١؛ صبح الأعشى: ٣٥٨:٣.