للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المأمون من ماله ألفى دينار، وتقدم بأن يصاغ بها قنديل ذهب وسلسلة فضة برسمه على قياس أحضر من عسقلان، وأن يصاغ على المصحف الذى بخط علىّ بن أبى طالب بمصر من فوق الفضة ذهب.

وأطلق من حاصل الصّناديق التى تشتمل على مال النجارى برسم الصدقات عشرة آلاف درهم تفرّق فى الجوامع الثلاثة: الأزهر بالقاهرة والعتيق بمصر وجامع القرافة (١)، وعلى فقراء المؤمنين وعلى أرباب القصور. وأطلق من الأهراء ألفا إردب قمحا وتصدّق عدّة من الجهات بجملة كثيرة. واشتريت عدّة جوار من الحجر (٢) وكتب عتقهنّ وأطلق سراحهنّ.

قال ابن ميسر، وقد ذكر هذا المجلس: وقد كانت أخت نزار فى قاعة بجانب الإيوان من القصر، وعلى الباب ستر، وعلى السّتر إخوتها وبنو عمّها وكبار الأستاذين.

فلمّا جرى هذا الفصل قام المأمون من مكانه ووقف بإزاء السّتر وقال: من وراء هذا الستر؟ فعرّف بها إخوتها وبنو عمّها، وأنه ليس غيرها وراء السّتر. فلمّا تحقق الحاضرون ذلك قالت: اشهدوا علىّ يا جماعة الحاضرين، وبلغوا عنّى جماعة المسلمين بأن أخى شقيقى نزارا لم يكن له إمامة، وأننى بريئة من إمامته جاحدة لها لاعنة لمن يعتقدها، لما علمته من والدى وسمعته من والدتى، لمّا أمر المستنصر بمضيّها هى والجهة المعظمة والدة عبد الله أخى إلى المنظرتين اللّتين على القناطر المعروفتين بالحرارة والبرياصة (؟) للنزهة أيّام النيل جرى بينهما مشاجرة فى ولديهما، فأحضرهما المستنصر بن يديه وأنكر عليهما، وقال: ما يصل أحد من ولديكما إلى الأمر، صاحبه معروف فى وقته. وشاهدت والدى المستنصر فى مرضته التى توفى فيها وقد أحضر المستعلى وأخذه معه فى فراشه، وقبّل بين عينيه، وأسرّ إليه طويلا وقد دمعت عيناه؛ وفى اليوم الذى انتقل والدى فى ليلته استدعى عمّتى بنت الظّاهر فأسرّ إليها من بيننا، ومدّ يده إليها فقبلها وعاهدها، وأشهد الله تعالى معلنا ومظهرا. فلمّا انتقل فى تلك


(١) وعرف على زمن المقريزى باسم جامع الأولياء، بنى فى الأرض التى كانت تعرف بخطة المغافر، بنته السيدة تغريد أم العزيز بالله سنة ست وستين وثلاثمائة، كان بابه الأكبر، الأوسط، مصفحا بالحديد، وله مقصورة بها أربعة عشر بابا قدام كل باب قنطرة قوس على عمودى رخام وقد زوقت سقفه كلها وحناياه وعقوده التى تعلو الأعمدة بأنواع الأصباغ. المواعظ والاعتبار: ٣١٨:٢ - ٣٢٠.
(٢) كان بجوار الوزارة مكان كبير يعرف بالحجر - جمع حجرة - يقيم فيه الغلمان المختصون بالخلفاء. نفس المصدر ٤٤٣:١ - ٤٤٤. (ولم أجد ذكرا لحجر خصصت للجوارى).