للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيه تنبّه ذكر الطائفة النزاريّة، وقرّر بين يدى الخليفة بأن يسيّر رسولا إلى صاحب ألموت بعد أن جمعت فقهاء الإسماعيليّة والإماميّة، وهم ولىّ الدّولة أبو البركات بن عبد الحقيق داعى الدعاة، وجميع دعاة الإسماعيليّة، وأبو محمّد بن آدم متولّى دار العلم (١)، وأبو الثّريّا ابن مختار فقيه الإسماعيليّة، ورفيقه أبو الفخر، والشريف ابن عقيل، وشيوخ الشرفاء، وقاضى القضاة، وأولاد المستنصر، وجماعة من بنى عمّ الخليفة، وأبو الحسن بن أبى أسامة كاتب الدّست، وجماعة من الأمراء؛ وقال لهم المأمون: ما لكم من الحجّة فى الرّدّ على هؤلاء الخارجين على الإسماعيلية. فقال كلّ منهم: لم يكن لنزار إمامة، ومن اعتقد هذا خرج عن المذهب وحلّ ووجب قتله؛ وإن كان والده المستنصر نعته ولىّ عهد المسلمين ونعت إخوته، منهم أبو القاسم أحمد بولىّ عهد المؤمنين، وكل مؤمن مسلم وما كل مسلم مؤمن، وقد نطق بذلك الكتاب العزيز (٢).

وذكر حسين بن محمّد الموصلى أن اليازورى (٣) لم يزل يسأل المستنصر إلى أن كتب اسمه على الدينار وهو ما مثاله:

ضربت فى دولة آل الهدى … من آل طه وآل ياسين

مستنصرا بالله جل اسمه … وعبده الناصر للدّين

فى سنة كذا؛ ولم يقم بعد ذلك إلا دون الشّهر، فاستعيدت وأمر ألا تسطّر.

ودليل يعضّد ذلك أنه لمّا جرت تلك الشدائد على الإمام المستنصر وسيّر أولاده، وهم: الأمير عبد الله إلى عكا إلى أمير الجيوش، ثم أتبعه بالأمير أبى على والأمير أبى القاسم، والد الحافظ،


(١) دار العلم، بجوار القصر الغربى من الناحية البحرية، وكان داعى الشيعة يجلس فيها ويجتمع إليه من التلامذة من يتكلم فى العلوم المتعلقة بمذهبهم، وجعل الحاكم لها جزءا من أوقافه التى وقفها على الجامع الأزهر وجامعى المقس وراشدة. ثم أبطل الأفضل أمير الجيوش هذه الدار لاجتماع الناس فيها وخوضهم فى المذاهب خوفا من اجتماع النزارية به، وأعادها الآمر، بعد مقتل الأفضل، بوساطة خدام القصر بشرط أن يكون الداعى هو الناظر فيها، وأقام بها متصدرين لقراءة القرآن وسميت بدار العلم الجديدة ويذكر المقريزى أن وسائل التعليم يسرت فى دار العلم لكل من أراد ذلك من أقلام وأوراق وكتب، وعين لها الفقهاء والعلماء، وكان الحاكم الفاطمى يحضرهم إليه للمناظرة. صبح الأعشى: ٣٦٢:٣. المواعظ والاعتبار: ٤٤٥:١، ٤٥٨ - ٤٦٠.
(٢) يقصد قول الله تعالى فى سورة الحجرات: آية: ١٤: «قالت الأعراب آمنا، قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا، ولما يدخل الإيمان فى قلوبكم».
(٣) من وزراء المستنصر بالله. وقد تقدمت أخباره وتقلب أحواله فى الجزء الثانى من هذا الكتاب. توفى مقتولا بأمر الخليفة سنة خمسين وأربعمائة، فى المحرم.