للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأنّ أمير المؤمنين لقّبه وكناه؛ وهو سجل بليغ. ثم حمل بعد قراءته على أربعة من الخيل بسروج مصفحة ثقال، وعليه سيف ذهب تقلّد به؛ وخرج جميع المصطنعة وسائر القواد والناس معه إلى داره؛ فكان يوما حسنا.

وفيه ورد الخبر بأن الثائر الذى قام بالصعيد الأعلى أنزل حيدرة بن نقيايان حتى حصل فى يده، وكان شريفا حسنيا، فأقر أنّه قتل الحاكم بأمر الله فى جملة أربعة أنفس تفرّقوا فى البلاد، فمنهم من مضى إلى برقة ومنهم من مضى إلى العراق، وأنه أظهر له قطعة من جلد رأسه وقطعة من الفوطة التى كانت عليه. فقال له حيدرة ولم قتلته؟ فقال: غرت لله وللإسلام؛ فقال: وكيف قتلته؟ فأخرج سكينا فضرب بها فؤاد نفسه، فمات بعد ما قال هكذا قتلته. فقطع حيدرة رأسه وأنفذه إلى الحضرة مع ما وجده معه.

وقدم الخبر بوقوع الحرب بين بنى قرّة ببرقة.

ولعشر بقين منه جلس الظاهر فى قصر الذهب (١) بعد أن زين وبسط وعلّقت فيه الستائر الديباج والستور المذهبة، وعلق جميع السقائف كلها بالستور وفرشت بالفروش.

وحضر أمراء الأتراك وقد لبسوا أفخر ثياب من المثقل (٢) والطميم، وحضر جميع الكتاميين وسائر الجند؛ ودخل الناس أجمعون؛ ووقف شمس الملك مسعود بن طاهر الوزان على يمين السرير، وبقية الناس وكافّة عبيد الدولة قيام، فلم يجلس أحد. وجى بالرسول الوارد من خراسان ومعه ابن له صغير فقبّل التّراب للظاهر، ثم أمر أن يطوّف به القصر كلّه، فطاف جميع القصور المعمورة؛ وقام الظاهر وانصرف الناس. ولثمان بقين منه أهدى


(١) قصر الذهب هو قاعة الذهب، إحدى قاعات القصر الكبير وكان يدخل إليها من باب الذهب ومن باب البحر، وكلاهما من أبواب القصر الغربية. موضع القصر الآن خلف مدرسة النحاسين من شارع بيت القاضى وحارة بيت القاضى بحى الجمالية. النجوم الزاهرة: ١١٣:٤. وكان الخلفاء يجلسون به للموكب يومى الاثنين والخميس وبه كان يعمل سماط شهر رمضان. الخطط: ٣٨٥:١ ..
(٢) الثوب المثقل: المنسوج بخيوط الذهب.