للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأصبح عند قبر الفقاعى (١)، ثم توجه إلى شرقىّ حلوان، وتبعه ركابيان، فأعادهما.

وبقى الناس على رسومهم يخرجون يلتمسون رجوعه إلى يوم الخميس سلخ الشهر المذكور، ثم خرج خواص من بطانته فبلغوا دير القصير، ثم أمعنوا فى الدخول فى الجبل؛ فبينما هم كذلك إذ بصروا بالحمار الذى كان راكبه على قنّة الجبل وقد ضربت يداه بسيف فأثر فيهما وعليه سرجه ولجامه. وتتبّع الأثر فقاد إلى أثر الحمار فى الأرض وأثر راجل خلفه وراجل قدّامه؛ فلم يزالوا يقصّون هذا القصّ حتى انتهوا إلى البركة التى فى شرقىّ حلوان، فنزل فيها رجل فوجد فيها ثيابه وهى سبع جباب، ووجدت مزرّرة فيها آثار السكاكين، فلم يشك فى قتله (٢). فكانت مدته ستا وثلاثين سنة وسبعة أشهر، وكانت ولايته خمسا وعشرين سنة وشهرا. وكسفت الشمس يوم موته. وكان جوادا بالمال سفّاكا للدماء قتل عددا كثيرا من أماثل دولته وغيرهم صبرا، وكانت سيرته من أعجب السير.

قال: ومنع النساء من الخروج إلى الطّرقات ليلا ونهارا، ومنع الأساكفة من عمل الخفاف المنجدة لهن؛ فأقمن على ذلك سبع سنين وسبعة أشهر إلى خلافة الظاهر.

قال أحمد بن الحسين بن أحمد الروذبارى فى كتاب (٣) الأدباء على ما نقله ابن سعيد:

وقتل الحاكم ركابيا له بحربة فى يده على باب جامع عمرو بن العاص وشقّ بطنه بيده.

وعمّ بالقتل بين وزير وكاتب وقاض وطبيب وشاعر ونحوى ومغنّ ومختار وصاحب ستر


(١) كان فى طريق الذاهب من القاهرة إلى ناحية البساتين، وموقعه اليوم قرافة سيدى عقبة على بعد ٥٠٠ متر تقريبا غرب مسجد سيدى عقبة وقبلى مسجد الإمام الشافعى. النجوم الزاهرة: ١٨٥:٤: حاشية: ٤.
(٢) يقول ابن تغرى بردى فى صدد الخطة التى دبرتها أخت الحاكم لقتله إنها أعطت العبدين اللذين أحضرهما سيف الدولة ابن دواس سكينين من عمل المغاربة تسمى الواحدة منهما «يافورت» ولهما رأس كرأس المبضع الذى يفصد به الحجام. النجوم الزاهرة: ١٨٧:٤.
(٣) فى الأصل هنا كلمة لم أهتد إلى قراءة سليمة لها حتى بعد الاستعانة بما لدى من مراجع.