للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلما كان فى الليلة التى فيها قال لأمه: علىّ قطع فى هذه الليلة وعلامة ذلك ظهور كوكب الذنابة؛ ودفع إليها خمسمائة ألف دينار ذخيرة لها (١)، فمنعته من الركوب، ونام.

ثم انتبه آخر الليل وقام ليركب، فتعلقت به، فامتنع ومضى، وركب الحمار إلى باب القاهرة، ففتح له أبو عروس صاحب الشرطة الباب وأغلقه خلفه، وخرج متبعا له.

قال: فسمعته يقول: ظهر والله الكوكب؛ ولم يكن معه سوى ركابىّ وصبىّ يحمل دواته.

فعارضه وسط الجبل سبع فوارس من بنى قرّة، فخدموه وسألوه الأمان وأن يسعفهم بما يصلح شأنهم، فأمّنهم، وأمر الركابى أن يحملهم إلى الخازن يدفع إليهم عشرة آلاف درهم. ودخل الشّعب الذى كان يدخله وقد وقف العبدان له، فضرباه حتى مات، وطرحاه، وشقّا جوفه ولفّاه فى كساء، وقتلا الصبى وغرّقا حماره؛ وحملا الحاكم فى كساء إلى أخته فدفنته. وأقامت مدة، وأحضرت الوزير خطير الملك وعرفته الحال، وأمرته أن يكاتب عبد الرحيم بن إلياس يستدعيه من دمشق. فكتب إليه على لسان الحاكم يأمره بالمبادرة، واستدعت ألف ألف دينار فرقتها فى الأولياء وبعثت قائد الساحل. فلما قدم عبد الرحيم عدل به إلى تنّيس فقتل بها (٢).

واضطرب الناس لغيبة الحاكم، فأرسلت إليهم: إنه أخبرنى أنه يغيب سبعة أيام، وإنه يواصلنى بأوامره. ورتّبت رسلا يمضون عنها إلى الحاكم ويجيئون منه


(١) فى النجوم الزاهرة: «فلما كان فى تلك الليلة قال لوالدته على فى هذه الليلة وفى غد قطع عظيم والدليل عليه علامة تظهر فى السماء طلوع نجم سماه، وكأنى بك وقد انتهكت وهلكت مع أختى فإنى ما أخاف عليك أضر منها. فتسلمى هذا المفتاح فهو لهذه الخزانة، وفيها صناديق تشتمل على ثلاثمائة ألف دينار، خذيها وحوليها إلى قصرك تكون ذخيرة لك». النجوم الزاهرة: ١٨٧:٤.
(٢) فى النجوم الزاهرة أكثر من رواية عن صورة وفاة ولى العهد، نقلها صاحبها عن عدة من المؤرخين. فمنها أن صاحب تنيس بعث به إلى ست الملك فحبسته فى دار وواصلته بالملاطفات حتى مرضت فأحضرت الظاهر لإعزاز دين الله وحذرته منه، وأرسلت معضاد الخادم لقتله ففعل. ورواية أخرى تقول إنه حبس فى داره مدة وحمل إليه يوما بطيخ ومعه سكين فأدخلها فى سرته حتى غابت، ومات منتحرا. النجوم الزاهرة: ١٩٣:٤ - ١٩٤.