للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿يَفْعَلُ، وَ هُمْ يُسْئَلُونَ﴾ (١) يحمده أمير المؤمنين على ما أعطاه من خلافته، وجعل إليه فيها دون بريته من الضّبط والقبض، والإبرام والنقض. معاشر الناس، إن برجوان كان فيما مضى عبدا ناصحا، أرضى أمير المؤمنين حينا، فاستخدمه كما يشاء فيما يشاء، وفعل به ما شاء كما سبق فى العلوم وجاز عليه فى المختوم. قال الله ﷿: «وَ لَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ، وَلكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ ما يَشاءُ، إِنَّهُ بِعِبادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ» * (٢) ولقد كان أمير المؤمنين ملّكه، فلما أساء ألبسه النقم، لقول الله تعالى: «فَلَمّا آسَفُونا﴾ ﴿فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ» * (٣). وقوله ﷿: «إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى»، * أَنْ رَآهُ اِسْتَغْنى﴾ (٤) * فحظره أمير المؤمنين عما صبا إليه، ونزعه ما كان فيه؛ وتمت مشيئة الله ﷿، ونفذ قضاؤه وتقديره فيه. «كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً» (٥) * فأقبلوا معاشر التّجار والرعيّة على معايشكم واشتغلوا بأشغالكم، فهو أعود لشأنكم؛ ولا تطغوا فى أمر أنفسكم، فلأمير المؤمنين الرأى فيه وفيكم. فمن كانت له منكم مطالبة أو حاجة فليمض إلى أمير المؤمنين بها، فإنه مباشر ذلك لكم بنفسه، وبابه مفتوح بينكم وبينه. والله «يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ» (٦) * وأنتم رعايا أمير المؤمنين المفتّحة لها أبواب عدله وإحسانه وفضله. والله يريده فيما يريده ويعتمده من الخير لمن أطاعه من الأنام، والحماية لحمى الإسلام؛ «عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَ إِلَيْهِ أُنِيبُ» (٧) * والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وكتب يوم الجمعة لثلاث بقين من


(١) سورة الأنبياء: ٢٢ - ٢٣.
(٢) سورة الشورى: ٢٧.
(٣) سورة الزخرف: ٢٥.
(٤) سورة العلق: ٦ - ٧.
(٥) سورة الإسراء: ٥٨ - مع إسقاط واو العطف.
(٦) سورة البقرة: ١٠٥. فى الأصل: والله يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم. ثم شطبت الجملة الأخيرة وأضيف فى مكانها: «وَاللهُ و-اسِعٌ عَلِيمٌ». وليس فى كتاب الله آية بهذا النص فالعدول عن: «وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ» خطأ وتبدأ الآية كذلك: يختص برحمته ..
(٧) سورة هود: آية ٨٨: «وَما تَوْفِيقِي إِلاّ بِاللهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَ إِلَيْهِ أُنِيبُ»﴾. وسورة الشورى: آية: ١٠: «ذلِكُمُ اللهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَ إِلَيْهِ أُنِيبُ»﴾.