للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبكر الناس إلى القصر فوقفوا بالباب، ونزل القائد أبو عبد الله الحسين بن جوهر القائد وحده إلى القصر وأذن للناس، فدخلوا إلى الحضرة، وخرج الحاكم على فرس أشقر، فوقف فى صحن القصر قائما، وزيدان عن يمينه وأبو القاسم الفارقى عن يساره، والناس قيام بين يديه؛ فقال لهم بنفسه من غير واسطة: إن برجوان عبدى، استخدمته فنصح فأحسنت إليه؛ ثم أساء فى أشياء عملها فقتلته؛ والآن فأنتم شيوخ دولتى - وأشار إلى كتامة - وأنتم عندى الآن أفضل مما كنتم فيه مما تقدم. والتفت إلى الأتراك وقال لهم: أنتم تربية العزيز بالله و [فى] مقام الأولاد، وما لكل أحد عندى إلاّ ما يؤثره ويحبّه، فكونوا على رسومكم، وامضوا إلى منازلكم، وخذوا على أيدى سفهائكم. فدعوا جميعا وقبّلوا الأرض، وانصرفوا.

وأمر بكتابة سجلّ أنشأه أبو منصور بن سورين كاتب الإنشاء، قرئ بسائر الجوامع فى مصر والقاهرة والجيزة والجزيرة (١)، نصّه بعد البسملة:

«من عبد الله ووليّه، المنصور أبى على، الإمام الحاكم بأمر الله، أمير المؤمنين، إلى سائر من شهد الصلاة الجامعة فى مساجد القاهرة المعزّيّة ومصر والجزيرة: سلام عليكم معاشر المسلمين المصلّين فى يومنا هذا فى الجوامع، وسائر الناس كافة أجمعين، فإن أمير المؤمنين بحمد إليكم الله الذى لا إله إلاّ هو، ويسأله أن يصلّى على جدّه محمد خاتم النبيين وسيّد المرسلين وعلى أهل بيته الطاهرين. أما بعد؛ فالحمد لله الذى قال، وقوله الحق المبين:

﴿لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلاَّ اللهُ لَفَسَدَتا، فَسُبْحانَ اللهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمّا يَصِفُونَ * * لا يُسْئَلُ عَمّا﴾


(١) المراد بها جزيرة الروضة. وقد عرفت فى أوائل العصر الإسلامى باسم الجزيرة لوقوعها فى مجرى النيل، وبجزيرة مصر وجزيرة الفسطاط لوقوعها مقابل مدينة الفسطاط التى تطورت ونمت حتى عرفت باسم مدينة مصر. وعرفت كذلك باسم جزيرة المقياس حيث يوجد بها مقياس النيل الذى أنشأه أسامة بن يزيد التنوخى عامل الخراج زمن سليمان بن عبد الملك. وأصبحت تعرف أيضا بجزيرة الحصن منذ بنى ابن طولون حصنه بها سنة ٢٦٣. ثم عرفت باسم جزيرة الروضة بعد أن أنشأ بها الأفضل بن بدر الجمالى بستانا سماه الروضة، سنة ٤٩٠. النجوم الزاهرة: ١٧٢:٤ حاشية: ٢.