للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقدم محمد بن سليمان بجيوشه إلى الرقّة - ومعه الأسرى - فخلّف المكتفى عساكره مع محمد ابن سليمان بالرقّة، وشخص فى خاصته وغلمانه، وتبعه وزيره القاسم بن عبيد الله إلى بغداد، ومعه القرمطى وأصحابه.

فلما صار إلى بغداد عمل له كرسى سمكه ذراعان ونصف، وركّب على فيل وأركب عليه، ودخل المكتفى وهو بين يديه مع أصحابه الأسرى، وذلك ثالث ربيع الأول، ثم سجنوا.

فلما وصل محمد بن سليمان ببقية القرامطة لاثنتى عشرة خلت منه أمر المكتفى القواد بتلقيه والدخول معه، فدخل فى زىّ حسن وبين يديه نيف وسبعون أسيرا، فخلع عليه، وطوّق بطوق من ذهب، وسوّر سوارين من ذهب، وخلع على جميع من كان معه القواد وطوقوا وسوّروا.

وأمر [المكتفى] ببناء دكّة فى الجانب الشرقى مربعة، ذرعها عشرون ذراعا فى مثلها، وارتفاعها عشرة أذرع، يصعد إليها بدرج، فلما كان لأربع بقين منه خرج القواد والعامة، وحمل القرامطة على الجمال إلى الدكّة، وقتلوا جميعا وعدتهم ثلاثمائة وستون، وقيل دون ذلك.

وقدم الحسن بن زكرويه، وعيسى ابن أخت مهرويه إلى أعلى الدكة ومعهما أربعة وثلاثون إنسانا من قبل (١) وجوه القرامطة ممن عرف بالنكاية (٢)، وكان الواحد منهم يبطح على وجهه، وتقطع يده اليمنى، فيرمى بها إلى أسفل ليراها الناس، ثم تقطع رجله اليسرى، ثم رجله اليمنى ويرمى بهما، ثم يضرب عنقه ويرمى بها.

ثم قدّم المدثّر ففعل به كذلك بعد ما كوى ليعذب، وضربت عنقه.

ثم قدّم الحسن بن زكرويه فضرب مائتى سوط، ثم قطعت يداه ورجلاه، وكوى، وضربت عنقه، ورفع رأسه على خشبة، وكبّر من على الدكة، فكبّر الناس وانصرفوا.

وحملت الرءوس فصلبت على الجسر وصلب بدن القرمطى فمكث نحو سنة.


(١) كذا فى الأصل، وفى (ج): «من وجوه القرامطة».
(٢) (ج): «بانكائه».