للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ودخلوا إلى تونس خامس ربيع الأول، فأخرجوا من فيها من أصحاب أبى يزيد، فبعث أبو يزيد ابنه (١) فقتل أهل البلد، وأحرق ما بقى فيه، وتوجه إلى باجة (٢)، فقتل من بها من أصحاب القائم، ودخلها بالسيف وأحرقها؛ وكان فى هذه المدة من القتل والسبى والتخريب ما لا يوصف.

وهمّ جماعة من أصحاب أبى يزيد بقتله، وكاتبوا القائم بذلك، فظفر بهم أبو يزيد فقتلهم، وكثر النهب والسبى فى القيروان.

وكان القائم قد بعث يجمع العساكر من المسيلة وغيرها، فاجتمع له خلق كثير، فطرقهم أيوب بن أبى يزيد على حين غفلة فقتل منهم، وغنم أثقالهم، وسيّر جريدة إلى تونس، فأوقعوا بعسكر القائم، وتكررت الحرب بينهم، فانهزم أصحاب أبى يزيد، وقتلوا قتلا ذريعا، وأخذت أثقالهم، وانهزم أيوب إلى القيروان فى ربيع الأول، فعظم على أبى يزيد، وجمع على ابنه أيوب فسار (؟)، وتوالت بينه وبين أصحاب القائم الحروب إلى أن هزمت أصحاب القائم من عسكر أبى يزيد، ثم تجمعت عسكر القائم، وواقعت أصحاب أبى يزيد على قسنطينة، فانهزمت أصحاب أبى يزيد.

فجدّ حينئذ أبو يزيد فى أمره، وجمع العساكر، وسار إلى سوسة سادس جمادى الآخرة، وبها جيش القائم، فحصرها حصرا شديدا، وعمل عليها الدبابات (٣)


(١) اسم هذا الابن «أيوب»، راجع ابن الأثير فعنده تفصيلات وافية عن القتال حول المهدية.
(٢) قال ياقوت فى معجمه: «باجة فى خمسة مواضع، منها باجة بلد بافريقية تعرف بباجة القمح، سميت بذلك لكثرة حنطتها» وهى المقصودة هنا فقد قال البكرى: «وامتحن أهل باجة فى أيام أبى يزيد مخلد بالقتل والسبى والحريق .. الخ»
(٣) الدبابات جمع دبابة، وقد وصفها (الحسن بن عبد الله: آثار الأول، ص ١٩٢) بقوله «هى آلة سائرة تتخذ من الخشب الثخين المتلزز، وتغلف باللبود والجلود المنقعة فى الخل لدفع النار، وتركب على عجل مستديرة، وتحرك فتنجر، وربما جعلت برجا من الخشب، ودبر فيها هذا التدبير، وقد يدفعها الرجال فتندفع على البكر، وقد وصف (العماد الأصفهانى فى كتاب الفتح القسى)، و (ابن واصل فى مفرج الكروب) احدى دبابات الفرنج فقالا انها كانت دبابة عظيمة هائلة ولها أربع طباق وهى خشب ورصاص وحديد ونحاس، انظر أيضا (نعمان ثابت: الجندية فى الدولة العباسية) و (المقريزى: السلوك، ج ١، ص ٥٦، حاشية ٨) و (Dozy:Supp.Dict.Arab)