للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

دعوتموني فيه للخروج معكم، كمن تعتاده الحمّى مثلا وقت (١) الزّوال، ثمّ إنّه دعي في وقت يلزمه القعود فيه إلى الزّوال فإنّه يقول إني محموم.

الثاني (٢): أنّه أراد سقم القلب بسبب ما فيه من الغمّ والحزن بسبب عنادهم وكفرهم.

الثالث: أن يقال: لا نسلّم أنّ قوله: {إِنِّي سَقِيمٌ} كذب بل لعلّه كان سقيما في تلك الساعة.

قال المؤلف: - وفقه الله (٣) - هذه الأجوبة الثلاثة حسنة [قالها] (٤) الإمام فخر (٥) الدين بن الخطيب، غير أنّها لا تتنزّل على الحديث الصحيح، والأظهر أنّه عليه السلام لم يكن سقيم البدن حينئذ وأنّها كذبة في ذات الله تعالى، وإيهام لقومه ليتخلّف عنهم كما تقدم، والدليل على هذا قوله عليه السلام في الحديث الصحيح (٦): «لم يكذب إبراهيم إلا ثلاث كذبات قوله: {إِنِّي سَقِيمٌ} وقوله (٧): {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ} وقوله في سارّة هي أختي».وتسميتها كذبات مجاز واتّساع، والكذب الذي لا يجوز على الأنبياء - عليهم السلام - هو قصد قول الباطل من غير منفعة شرعيّة (٨) - والله أعلم -.


(١) في نسخة (ز): «وقتا الزوال».
(٢) ذكره القرطبي في تفسيره ١٥/ ٩٣، وذكره الألوسي في تفسيره: ٢٣/ ١٠١.
(٣) في نسخة (ح): «رحمه الله».
(٤) في الأصل: «قال» والمثبت من النسخ الأخرى.
(٥) انظر مفاتيح الغيب للرازي: ٢٦/ ١٤٧، ١٤٨.
(٦) أخرجه البخاري في صحيحه ٤/ ١١٢، ٦/ ١٢٠ عن أبي هريرة رضي الله عنه، والإمام مسلم في صحيحه ٤/ ١٨٤٠، وأبو داود في سننه: ٢/ ٢٦٤، والترمذي في سننه: ٥/ ٣٢١.
(٧) سورة الأنبياء، آية: ٦٣.
(٨) قال الحافظ ابن كثير في تفسيره: ٧/ ٢١: «فأما الحديث الذي رواه ابن جرير هاهنا .. ثم ذكره - وقال: فهو حديث مخرج في الصحاح والسنن من طرق، ولكن ليس هذا من باب الكذب الحقيقي الذي يذم فاعله حاشا وكلا، وإنما أطلق الكذب على هذا تجوزا، وإنما هو من المعاريض في الكلام لمقصد شرعي ديني، كما جاء في الحديث: «إن في -

<<  <  ج: ص:  >  >>