للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال فخر الدين (١) ابن الخطيب: وفي هذا القول إشكال لأن الله تعالى قال: {وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} (٢).

قال المؤلف - وفّقه الله -: وإنّما يرد هذا الإشكال لو سلّمنا له أنّ (إذ) معمولة للفظ (مرسلين) أي لمن المرسلين وقت هربه إلى الفلك، ولا نسلّم له ذلك بل الوقف عند قوله: {لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} و (إذ) في موضع نصب بإضمار فعل مقطوعا ممّا قبله، والتقدير: واذكر حال يونس إذ أبق إلى الفلك، فصحّ أنّها كانت قبل النبوة، فإن قلت: فنهي الله محمّدا صلى الله عليه وسلم عن أن يكون على مثل فعل صاحب الحوت يؤذن بأنّ فعله كان محذورا.

فالجواب: أنّ الصبر على مثل تلك المحنة التي ابتلاه الله بها مندوب إليه، وترك المندوب ليس بذنب، ولو صبر يونس عليه السلام لكان أفضل فأراد الله أن يحصل لمحمد صلى الله عليه وسلم أفضل المنازل فلهذا قال: {وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ.}

فإن قلت (٣): إنّ قوله: {إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظّالِمِينَ} اعتراف بذنب؟.

فالجواب (٤): أنّ المعنى إنّي كنت من الظالمين في ترك الأفضل، وهو المقام معهم، والتّحمّل لإذايتهم حتى يرى (٥) ما يكون من الله تعالى فيهم تأسّيا بمن تقدّمه من الرّسل عليهم السلام.

[٩٠] {وَأَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ.}


(١) بحثت في تفسير الرازي في الآيات التي تكلمت عن قصة يونس فلم أعثر على قوله هذا. وقد ذكر الرازي الأقوال السابقة وأجاب عنها في تفسيره: ٢٢/ ٢١٥، والله أعلم.
(٢) سورة الصافات: آية: (١٣٩، ١٤٠).
(٣) زيادة من نسخة (ح).
(٤) ذكر ذلك الفخر الرازي في تفسيره: ٢٢/ ٢١٥.
(٥) في نسخة (ز): «يكون».

<<  <  ج: ص:  >  >>