للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العرب ذو الجدين (١)، وذو الرّئاستين (٢)، وهذا كله تفخيم للمسمّى بهذا، وليس ذلك من لفظ صاحب وإنّما فيه تعريف [لا يقترن] (٣) فيه شيء من هذا المعنى، ثم أضاف في هذه الآية إلى النّون وهو الحوت، ولكنّ لفظ النون أشرف لوجود هذا الاسم في حروف التّهجي في أوائل السّور نحو (ن والقلم)، وقد قيل (٤):

إنّ هذا الاسم قسم بالنون والقلم، وإن لم يكن قسما فقد عظّمه بعطف المقسم به عليه وهو القلم، وهذا الاشتراك يشرّف هذا الاسم وليس في الاسم الآخر وهو الحوت ما يشرّفه كذلك، فالتفت إلى تنزيل الكلام في الآيتين يلح (٥) لك ما أشرنا إليه في هذا العرض، فإنّ التدبّر لإعجاز القرآن واجب ومفترض. وقوله فيها: {إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً} والمغاضبة (٦) لا تكون إلا من اثنين، فقيل (٧): إنّه ذهب مغاضبا لملك اسمه حزقيا أمره أن ينهض إلى أمّة كان عندهم سبط من بني إسرائيل مأسورين ليدعوهم إلى الإيمان وأن يرسلوا من في أيديهم من بني إسرائيل فأبى عليه يونس حتى عزم عليه الملك فلذلك خرج مغاضبا له، وكان


= روى عنه المتأخرون من التابعين. انظر: الاستيعاب بهامش الإصابة: ١/ ٤٩١، الإصابة: ١/ ٤٨٩.
(١) ذو الجدين: هو عبد الله بن عمر بن الحارث. انظر: المحبّر: ١٣٦.
(٢) ذو الرئاستين: (١٥٤ - ٢٠٢ هـ‍). هو: الفضل بن سهل السرخسي، أبو العباس، وكان مجوسيا فأسلم على يد المأمون وجعله المأمون على الوزارة وقيادة الجيش معا فلقب بذي الرئاستين (الحرب والسياسة). تاريخ بغداد: ١٢/ ٣٣٩، الإعلام: ٥/ ١٤٩.
(٣) في الأصل: «يقترف»، والمثبت من التعريف والإعلام.
(٤) سيأتي في سورة القلم إن شاء الله تعالى.
(٥) يلح: أي يظهر ويبرز. اللسان: ٤/ ٥٨٦ مادة (لوح).
(٦) في التعريف والإعلام: «والمغاضب لا يكون».
(٧) ذكره ابن الجوزي في زاد المسير: ٥/ ٣٨١ عن ابن عباس رضي الله عنهما، وذكره القرطبي في تفسيره: ١١/ ٣٣٠ عن ابن عباس رضي الله عنهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>