للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(عس) (١) قد تقدم في سورة البقرة (٢)، أنها ذو القعدة وعشر من ذي الحجة، وأعاد قوله: {أَرْبَعِينَ} وإن كان معلوما من الثلاثين، والعشر أنها أربعون لنفي اللبس، لأن العشر لما أتت بعد الثلاثين التي هي نص في المواعدة، دخلها الاحتمال أن تكون [من] (٣) غير أيام المواعدة، فأعاد ذكر الأربعين نفيا لهذا الاحتمال، وليعلم أن جميع العدد للمواعدة، وهذا كقوله تعالى: {فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ} (٤) أعاد ذكر العشرة لما كانت الواو تجيء في بعض المواضع للإباحة (٥) كقولهم:

جالس الحسن وابن سيرين، والمراد إباحة مجالسة أحدهما. فنفي بإعادة العشرة توهم الإباحة. وقوله: {كامِلَةٌ} تحقيق لذلك، وتأكيد له.

فإن قلت:

فإذا كان زمن المواعدة: {أَرْبَعِينَ} فلم كانت ثلاثين ثم عشرا؟.

فالجواب - والله أعلم - أن العشر إنما فصل من الثلاثين ليتجدد له به قرب انقضاء المواعدة، ويكون فيه متأهبا، مجتمع الرأي حاضر الذهن، لأنه لو ذكر الأربعين أولا لكانت متساوية فإذا جعل العشر منها إتماما لها استشعرت النفوس قرب التمام وتجدد بذلك عزم لم يتقدم، وهذا شبيه بالتلوم (٦) الذي جعله الفقهاء في


(١) التكميل والإتمام: (٣٣ أ، ٣٣ ب).
(٢) راجع ص (١٥٢)، آية: ٥١.
(٣) ما بين المعقوفين ساقط من الأصل، (م)، (ع) والمثبت في النص من (ق)، ومن التكميل والإتمام لابن عسكر.
(٤) سورة البقرة: آية: ١٩٦.
(٥) نص عليه الزمخشري في الكشاف: ١/ ٣٤٥، وأورده ابن هشام الأنصاري في مغني اللبيب: ٢/ ٣٥٨ عن الزمخشري ثم قال: (وزعم أنه يقال: جالس الحسن وابن سرين، أي أحدهما، ... والمعروف من كلام النحويين أنه لو قيل: جالس الحسن وابن سرين، كان أمرا بمجالسة كل منهما وجعلوا ذلك فرقا بين العطف بالواو والعطف بأو).اه‍ ..
(٦) التلوم: بمعنى الانتظار. ينظر الصحاح: ٢٠٣٤ (لوم)، والنهاية لابن الأثير: ٤/ ٢٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>