للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما المرأة الغرناطية في ذلك العصر فقد كانت ملتزمة بأحكام دينها من حيث تمسكها بالحجاب الشرعي، وعدم مخالطتها للرجال وعدم خروجها من منزلها إلا عند الضرورة. لكنها لم تكن بمعزل تام عن مجتمعها، فقد عرف مجتمع بني الأحمر عددا من النساء اشتهرت أسماؤهن في ميادين السياسة والعلم والأدب، منهن على سبيل المثال: مريم أم إسماعيل التي كانت محظية لدى السلطان يوسف بن إسماعيل وكان لها التأثير البارز في خلع السلطان محمد بن يوسف ومن النساء اللواتي اشتهرن في حقلي الطب والأدب أم الحسن بنت أبي جعفر الطنجالي (١).

وكان مجتمع الدولة النّصرية - في ذلك العصر - غارقا في الفساد واللهو وبخاصة الأغنياء منهم، وكان الغناء والموسيقى وشرب الخمر واتخاذ الجواري منتشرة بين كثير من أفراد المجتمع الغرناطي. حتى في الظروف السياسية الخطيرة التي كانت تمر بها مملكة بني نصر.

وشهد المجتمع إزاء هذا التيار المنحرف حركة تدعو إلى التزام وتطبيق أحكام الشريعة، وإلى البعد عن الفساد عامة.

فبرز عدد من العلماء لمواجهة هذا التيار المنحرف ومقاومة الفساد ومحاربة البدع المستحدثة في الدين وفي مقدمتهم الإمام الشاطبي - رحمه الله - الذي صنّف كتابه الشهير «الاعتصام» الذي يعتبر من أجلّ الكتب حيث تناول فيه مؤلفه موضوع البدع بالتفصيل وحرر الكلام فيها وذلك بعرضها على الأدلة الشرعية وبيّن الفرق بينها وبين المصالح المرسلة.

وقد تعرّض الإمام الشاطبي بسبب هذا الموقف لمضايقات كثيرة وقد وصف ذلك قائلا (٢): «قامت عليّ القيامة، وتواترت عليّ الملامة وفوّق إليّ العتاب سهامه، ونسبت إلى البدعة والضّلالة، وأنزلت منزلة أهل الغباوة والجهالة ... ).


(١) نفح الطيب: ٤/ ٣١٨، وغرناطة في ظل بني الأحمر: ١٢٢.
(٢) الإفادات والإنشادات: ٣٦، وانظر: الاعتصام: (١/ ٢٧، ٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>