للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بعض اليهود في المدينة، روي عن ابن عباس أنّه قال: لمّا نزلت {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً} (١).

قال فنحاص اليهودي: أحتاج ربّ محمد؟! فأخذ عمر سيفه ومرّ (٢) ليقتله فردّه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال له: إنّ ربّك يقول {قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا} (٣) الآية.

قال عط: وهذا احتجاج بالآية مع قدم نزولها. والأظهر أنّها عامة في المؤمنين أمروا في صدر الإسلام قبل الهجرة بالصبر على إذاية المشركين ثم نسخ الله ذلك بآية السيف كما ذكر الشيخ أبو زيد، قال بعض المتأخرين (٤): وآية السيف قوله عز وجلّ {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} (٥) وهذه الآية نسخت من القرآن مائة وأربع عشرة آية منها قوله {قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا} الآية.


= قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا ... الآية ثم نسخت بقوله: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ قال القرطبي: «فالسورة كلها مكية على هذا من غير خلاف، والله أعلم».
(١) سورة البقرة آية: ٢٤٥. سورة الحديد آية: ١١.
(٢) مرّ يمرّ مرا ومرورا: ذهب. اللسان: ٥/ ١٦٥ مادة مرر.
(٣) ذكره القرطبي في تفسيره: ١٦/ ١٦ برواية ميمون بن مهران عن ابن عباس رضي الله عنهما.
(٤) ذكر القرطبي في تفسيره: ٨/ ٧٣ عن الحسين بن الفضل قوله: «نسخت هذه كل آية في القرآن فيها ذكر الإعراض والصبر على أذى الأعداء».
(٥) سورة التوبة آية: ٥. وقد اختلف العلماء في هذه الآية هل هي ناسخة أم منسوخة؟ فذهب مجاهد وقتادة والحسين بن الفضل وغيرهم أنها ناسخة، وذهب الضحاك وعطاء والسدي وغيرهم أنها منسوخة بقوله تعالى فَإِمّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمّا فِداءً» فإن الأسير لا يجوز قتله صبرا فإما أن يفادي أو يمن عليه. وذهب جابر بن زيد وعامة الفقهاء أن الآيتين محكمتان، قال القرطبي: وهو الصحيح. والله أعلم. انظر: زاد المسير: ٣/ ٣٩٩.الجامع لأحكام القرآن للقرطبي: ٨/ ٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>