هذا آخر ما وقفنا عليه من المدائح، وقد أحببت أن أختم هذه الكتابة بدعاء شريف نقلته من طهارة القلوب لسيدي الولي العارف بالله عبد العزيز الديريني نفعنا الله ببركته وبركة علومه:
إلهي لو أردت إهانتنا لم تهدنا، ولو أردت فضيحتنا لم تسترنا، فتمم اللهم ما به بدأتنا، ولا تسلبنا ما به أكرمتنا، إلهي عرفتنا بربوبيتك وغرقتنا في بحار نعمتك ودعوتنا إلى دار قدسك ونعمتنا بذكر وأنسك، إلهي إن ظلمة لأنفسنا قد عمت وبحار الغفلة على قلوبنا قد طمت، فالعجز شامل والحصر حاصل والتسليم أسلم وأنت بالحال أعلم، إلهي ما عصيناك جهلاً بعقابك ولا تعراضاً لعذابك ولا استخفافاً بنظرك، ولكن سولت لنا أنفسنا وأعانتنا شقوتنا وغرنا سترك علينا وأطعمنا في عفوك برك بنا، فالآن من عذابك من يستنقذنا؟ وبحبل من نعتصم إن أنت قطعت حبلك عنا وأخجلتنا من الوقوف غداً بين يديك؟ وافضيحتنا إذا عرضت أعمالنا القبيحة عليك! اللهم اغفر ما عملت ولا تهتك ما سترت، إلهي إن كنا قد عصيناك بجهل فقد دعوناك بعقل حيث علمنا أن لنا رباً يغفر ولا يبالي، إلهي أنت أعلم بالحال والشكوى وأنت قادر على كشف البلوى، اللهم يا من سترت الزلات وغفرت السيآت أجرنا من مكرك ووفقنا لشكرك، إلهي أتحرق بالنار وجهاً كان لك مصلياً ولساناً كان لك ذاكراً أو داعياً لا بالذي دلنا عليك ورغبنا فيما لديك وأمرنا بالخضوع بين يديك، وهو محمد خاتم أنبيائك وسيد أصفياتك فإن حقه علينا أعظم الحقوق بعد حقك، كما أن منزلته أشرف منازل خلقك، وصل وسلم يا رب على سيدنا محمد وآله وصحبه وجميع الأنبياء والمرسلين، وارحم عباداً غرهم طول إمهالك وأطمعهم كثرة أفضالك وذلوا لعزك وجلالك ومدوا أكفهم لطلب نوالك، ولولا هدايتك لم يصلوا إلى ذلك.