للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْجَنَائِزِ.

قَوْلُهُ: (وَقَرَأَ الْأَعْمَشُ، وَعَاصِمٌ: إِلَى نَصْبٍ)؛ أَيْ إِلَى شَيْءٍ مَنْصُوبٍ يَسْتَبِقُونَ إِلَيْهِ، وَقِرَاءَةُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: إِلَى نُصْبٍ وَكَأَنَّ النُّصْبَ الْآلِهَةُ الَّتِي كَانَتْ تُعْبَدُ، وَكُلٌّ صَوَابٌ. وَالنُّصْبُ وَاحِدٌ وَالنَّصْبُ مَصْدَرٌ، ثَبَتَ هَذَا هُنَا لِلنَّسَفِيِّ، وَذَكَرَهُ أَبُو نُعَيْمٍ أَيْضًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَعْضُهُ فِي الْجَنَائِزِ. وَهُوَ قَوْلُ الْفَرَّاءِ بِلَفْظِهِ، وَزَادَ: فِي قِرَاءَةِ زيد بْنِ ثَابِتٍ بِرَفْعِ النُّونِ، وَبَعْدَ قَوْلِهِ الَّتِي كَانَتْ تُعْبَدُ مِنَ الْأَحْجَارِ قَالَ: النُّصُبُ وَالنَّصْبُ وَاحِدٌ، وَهُوَ مَصْدَرٌ، وَالْجَمْعُ أَنْصَابٌ، انْتَهَى؛ يُرِيدُ أَنَّ الَّذِي بِضَمَّتَيْنِ وَاحِدٌ لَا جَمْعٌ، مِثْلُ حُقُبٍ وَاحِدُ الْأَحْقَابِ.

٧١ - سُورَةُ نُوحٍ

أَطْوَارًا: طَوْرًا كَذَا وَطَوْرًا كَذَا، يُقَالُ: عَدَا طَوْرَهُ أَيْ قَدْرَهُ. وَالْكُبَّارُ: أَشَدُّ مِنَ الْكِبَارِ، وَكَذَلِكَ جَمَالٌ وَجَمِيلٌ لِأَنَّهَا أَشَدُّ مُبَالَغَةً، وَكَذَلِكَ كُبَّارٌ الْكَبِيرُ، وَكُبَارٌ أَيْضًا بِالتَّخْفِيفِ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: رَجُلٌ حُسَّانٌ وَجُمَّالٌ، وَحُسَانٌ مُخَفَّفٌ وَجُمَالٌ مُخَفَّفٌ. دَيَّارًا: مِنْ دَوْرٍ، وَلَكِنَّهُ فَيْعَالٌ مِنَ الدَّوَرَانِ كَمَا قَرَأَ عُمَرُ: الْحَيُّ الْقَيَّامُ، وَهِيَ مِنْ قُمْتُ. وَقَالَ غَيْرُهُ: دَيَّارًا أَحَدًا، تَبَارًا هَلَاكًا. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مِدْرَارًا يَتْبَعُ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَقَارًا عَظَمَةً.

قَوْلُهُ: (سُورَةُ نُوحٍ) سَقَطَتِ الْبَسْمَلَةُ لِلْجَمِيعِ.

قَوْلُهُ: (أَطْوَارًا: طَوْرًا كَذَا وَطَوْرًا كَذَا) تَقَدَّمَ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ، وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ ﴿وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا﴾: نُطْفَةً، ثُمَّ عَلَقَةً، ثُمَّ مُضْغَةً، ثُمَّ خَلْقًا آخَرَ.

قَوْلُهُ: (يُقَالُ: عَدَا طَوْرَهُ أَيْ قَدْرَهُ) تَقَدَّمَ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ أَيْضًا.

قَوْلُهُ: (وَالْكُبَّارُ أَشَدُّ مِنَ الْكِبَارِ، وَكَذَلِكَ جُمَّالٌ وَجَمِيلٌ لِأَنَّهَا أَشَدُّ مُبَالَغَةً؛ وَكَذَلِكَ كُبَّارٌ الْكَبِيرُ، وَكُبَارٌ أَيْضًا بِالتَّخْفِيفِ) قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ ﴿وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا﴾ قَالَ: مَجَازُهَا كَبِيرٌ، وَالْعَرَبُ تُحَوِّلُ لَفْظَةَ كَبِيرٍ إِلَى فُعَالٍ مُخَفَّفَةٍ ثُمَّ يُثَقِّلُونَ لِيَكُونَ أَشَدَّ مُبَالَغَةً، فَالْكُبَّارُ أَشَدُّ مِنَ الْكُبَارِ، وَكَذَا يُقَالُ لِلرَّجُلِ الْجَمِيلِ لِأَنَّهُ أَشَدُّ مُبَالَغَةً.

قَوْلُهُ: (وَالْعَرَبُ تَقُولُ: رَجُلٌ حُسَّانٌ وَجُمَّالٌ، وَحُسَانٌ مُخَفَّفٌ وَجُمَالٌ مُخَفَّفٌ) قَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ ﴿وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا﴾ الْكُبَّارُ الْكَبِيرُ، وَكُبَارٌ أَيْضًا بِالتَّخْفِيفِ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ عَجَبٌ وَعُجَابٌ، وَرَجُلٌ حُسَّانٌ وَجُمَّالٌ بِالتَّثْقِيلِ، وَحُسَانٌ وَجُمَالٌ بِالتَّخْفِيفِ فِي كَثِيرٍ مِنْ أَشْبَاهِهِ.

قَوْلُهُ: (دَيَّارًا: مِنْ دَوْرٍ، وَلَكِنَّهُ فَيْعَالٌ مِنَ الدَّوَرَانِ)؛ أَيْ أَصْلُهُ دَيْوَارٌ فَأُدْغِمَ، وَلَوْ كَانَ أَصْلُهُ فَعَّالًا لَكَانَ دَوَّارًا، وَهَذَا كَلَامُ الْفَرَّاءِ بِلَفْظِهِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: أَصْلُ دَيَّارٍ دَوَّارٌ، وَالْوَاوُ إِذَا وَقَعَتْ بَعْدَ تَحْتَانِيَّةٍ سَاكِنَةٍ بَعْدَهَا فَتْحَةٌ قُلِبَتْ يَاءً مِثْلَ أَيَّامٍ وَقِيَامٍ.

قَوْلُهُ: (كَمَا قَرَأَ عُمَرُ: الْحَيُّ الْقَيَّامُ وَهِيَ مِنْ قُمْتُ) هُوَ مِنْ كَلَامِ الْفَرَّاءِ أَيْضًا، وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ صَلَّى الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ فَاسْتَفْتَحَ آلَ عِمْرَانَ فَقَرَأَ: (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيَّامُ). وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي دَاوُدَ فِي الْمَصَاحِفِ مِنْ طُرُقٍ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَرَأَهَا كَذَلِكَ، وَأَخْرَجَهَا عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَيْضًا.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ غَيْرُهُ: دَيَّارًا أَحَدًا) هُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ، وَزَادَ: يَقُولُونَ لَيْسَ بِهَا دَيَّارٌ وَلَا عَرِيبٌ.

(تَنْبِيهٌ): لَمْ يَتَقَدَّمْ ذِكْرُ مَنْ يُعْطَفُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: وَقَالَ غَيْرُهُ، فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ كَانَ فِي الْأَصْلِ مَنْسُوبًا لِقَائِلٍ فَحُذِفَ اخْتِصَارًا مِنْ بَعْضِ النَّقَلَةِ، وَقَدْ عَرَفْتُ أَنَّهُ الْفَرَّاءُ.

قَوْلُهُ: (تَبَارًا: هَلَاكًا) هُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ أَيْضًا.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مِدْرَارًا؛ يَتْبَعُ بَعْضُهُ بَعْضًا) وَصَلَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طريق عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ،