للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قَاضِي الْقُضَاةِ وَإِنْ كَانَ اشْتُهِرَ فِي بِلَادِ الشَّرْقِ مِنْ قَدِيمِ الزَّمَانِ إِطْلَاقُ ذَلِكَ عَلَى كَبِيرِ الْقُضَاةِ، وَقَدْ سَلِمَ أَهْلُ الْمَغْرِبِ مِنْ ذَلِكَ، فَاسْمُ كَبِيرِ الْقُضَاةِ عِنْدَهُمْ قَاضِي الْجَمَاعَةِ، قَالَ: وَفِي الْحَدِيثِ مَشْرُوعِيَّةُ الْأَدَبِ فِي كُلِّ شَيْءٍ ; لِأَنَّ الزَّجْرَ عَنْ مَلِكِ الْأَمْلَاكِ وَالْوَعِيدَ عَلَيْهِ يَقْتَضِي الْمَنْعَ مِنْهُ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ أَرَادَ مَنْ تَسَمَّى بِذَلِكَ أَنَّهُ مَلِكٌ عَلَى مُلُوكِ الْأَرْضِ أَمْ عَلَى بَعْضِهَا، سَوَاءٌ كَانَ مُحِقًّا فِي ذَلِكَ أَمْ مُبْطِلًا، مَعَ أَنَّهُ لَا يَخْفَى الْفَرْقُ بَيْنَ مَنْ قَصَدَ ذَلِكَ وَكَانَ فِيهِ صَادِقًا وَمَنْ قَصَدَهُ وَكَانَ فِيهِ كَاذِبًا.

قَالَ سُفْيَانُ: يَقُولُ غَيْرُهُ تَفْسِيرُهُ شَاهَانْ شَاهْ.

قَوْلُهُ: (عَنْ أَبِي الزِّنَادِ) فِي رِوَايَةِ الْحُمَيْدِيِّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ سُفْيَانَ: حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، وَهِيَ عِنْدَ أَبِي عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِهِ.

قَوْلُهُ: (رِوَايَةٌ) كَذَا فِي رِوَايَةِ عَلِيٍّ هُنَا، وَفِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ، عَنْ سُفْيَانَ: يَبْلُغُ بِهِ أَخْرَجَهَا مُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَعِنْدَ التِّرْمِذِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ سُفْيَانَ مِثْلُهُ، وَكِلَاهُمَا كِنَايَةٌ عَنِ الرَّفْعِ بِمَعْنَى قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ، وَوَقَعَ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ فِي رِوَايَةِ الْحُمَيْدِيِّ.

١١٥ - بَاب كُنْيَةِ الْمُشْرِكِ، وَقَالَ مِسْوَرٌ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ يَقُولُ: إِلَّا أَنْ يُرِيدَ ابْنُ أَبِي طَالِبٍ

٦٢٠٧ - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ. وحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي أَخِي، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ رَكِبَ عَلَى حِمَارٍ عَلَيْهِ قَطِيفَةٌ فَدَكِيَّةٌ وَأُسَامَةُ وَرَاءَهُ يَعُودُ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ فِي بَنِي حَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ قَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ، فَسَارَا، حَتَّى مَرَّا بِمَجْلِسٍ فِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ، فَإِذَا فِي الْمَجْلِسِ أَخْلَاطٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ وَالْيَهُودِ، وَفِي الْمُسْلِمِينَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ، فَلَمَّا غَشِيَتْ الْمَجْلِسَ عَجَاجَةُ الدَّابَّةِ خَمَّرَ ابْنُ أُبَيٍّ أَنْفَهُ بِرِدَائِهِ وَقَالَ: لَا تُغَبِّرُوا عَلَيْنَا. فَسَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ثُمَّ وَقَفَ فَنَزَلَ فَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ وَقَرَأَ عَلَيْهِمْ الْقُرْآنَ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ: أَيُّهَا الْمَرْءُ، لَا أَحْسَنَ مِمَّا تَقُولُ إِنْ كَانَ حَقًّا، فَلَا تُؤْذِنَا بِهِ فِي مَجَالِسِنَا، فَمَنْ جَاءَكَ فَاقْصُصْ عَلَيْهِ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَاغْشَنَا فِي مَجَالِسِنَا فَإِنَّا نُحِبُّ ذَلِكَ. فَاسْتتَبَّ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ وَالْيَهُودُ حَتَّى كَادُوا يَتَساوَرُونَ، فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ يُخَفِّضُهُمْ حَتَّى سَكَنوا.

ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ دَابَّتَهُ، فَسَارَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : أَيْ سَعْدُ، أَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالَ أَبُو حُبَابٍ؟ - يُرِيدُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ - قَالَ كَذَا وَكَذَا. فَقَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: أَيْ رَسُولَ اللَّهِ، بِأَبِي أَنْتَ، اعْفُ عَنْهُ وَاصْفَحْ، فَوَالَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ لَقَدْ جَاءَ اللَّهُ بِالْحَقِّ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ وَلَقَدْ اصْطَلَحَ أَهْلُ هَذِهِ الْبَحْرَةِ عَلَى أَنْ يُتَوِّجُوهُ وَيُعَصِّبُوهُ بِالْعِصَابَةِ، فَلَمَّا رَدَّ اللَّهُ ذَلِكَ بِالْحَقِّ الَّذِي أَعْطَاكَ شَرِقَ بِذَلِكَ، فَذَلِكَ فَعَلَ بِهِ مَا رَأَيْتَ. فَعَفَا عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ وَأَصْحَابُهُ يَعْفُونَ عَنْ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ كَمَا أَمَرَهُمْ اللَّهُ وَيَصْبِرُونَ عَلَى الْأَذَى، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ﴾ الْآيَةَ، وَقَالَ: ﴿وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ﴾ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ يَتَأَوَّلُ فِي الْعَفْوِ عَنْهُمْ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ، حَتَّى أَذِنَ لَهُ فِيهِمْ، فَلَمَّا غَزَا رَسُولُ اللَّهِ بَدْرًا فَقَتَلَ اللَّهُ بِهَا مَنْ قَتَلَ مِنْ صَنَادِيدِ الْكُفَّارِ وَسَادَةِ قُرَيْشٍ فَقَفَلَ رَسُولُ اللَّهِ وَأَصْحَابُهُ مَنْصُورِينَ غَانِمِينَ مَعَهُمْ أُسَارَى مِنْ صَنَادِيدِ