وَيَطِيبُ الْقِتَالُ، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ: وَيَنْزِلُ النَّصْرُ وَزَادَ مَعًا وَاللَّفْظُ لِمُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ، عَنْ زِيَادِ بْنِ جُبَيْرٍ فَقَالَ النُّعْمَانُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ تُقِرَّ عَيْنِي الْيَوْمَ بِفَتْحٍ يَكُونُ فِيهِ عِزُّ الْإِسْلَامِ وَذُلُّ الْكُفْرِ وَالشَّهَادَةُ لِي ثُمَّ قَالَ إِنِّي هَازٌّ اللِّوَاءَ فَتَيَسَّرُوا لِلْقِتَالِ، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ فَلْيَقْضِ الرَّجُلُ حَاجَتَهُ وَلْيَتَوَضَّأْ، ثُمَّ هَازُّهُ الثَّانِيَةَ فَتَأَهَّبُوا وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ فَلْيَنْظُرِ الرَّجُلُ إِلَى نَفْسِهِ وَيَرْمِي مِنْ سِلَاحِهِ، ثُمَّ هَازُّهُ الثَّالِثَةَ فَاحْمِلُوا، وَلَا يَلْوِيَنَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ، وَلَوْ قُتِلْتُ، فَإِنْ قُتِلْتُ فَعَلَى النَّاسِ حُذَيْفَةُ. قَالَ فَحَمَلَ وَحَمَلَ النَّاسُ، فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ أَنَّ أَحَدًا يَوْمَئِذٍ يُرِيدُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى أَهْلِهِ حَتَّى يُقْتَلَ أَوْ يَظْفَرَ.
فَثَبَتُوا لَنَا، ثُمَّ انْهَزَمُوا، فَجَعَلَ الْوَاحِدُ يَقَعُ عَلَى الْآخَرِ فَيَقْتُلُ سَبْعَةً، وَجَعَلَ الْحَسَكُ الَّذِي جَعَلُوهُ خَلْفَهُمْ يَعْقِرُهُمْ وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَوَقَعَ ذُو الْجَنَاحَيْنِ عَنْ بَغْلَةٍ شَهْبَاءَ فَانْشَقَّ بَطْنُهُ، فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَفِي رِوَايَةِ الطَّبَرِيِّ وَجَعَلَ النُّعْمَانُ يَتَقَدَّمُ بِاللِّوَاءِ، فَلَمَّا تَحَقَّقَ الْفَتْحُ جَاءَتْهُ نَشَّابَةٌ فِي خَاصِرَتِهِ فَصَرَعَتْهُ، فَسَجَّاهُ أَخُوهُ مَعْقِلٌ ثَوْبًا وَأَخَذَ اللِّوَاءَ، وَرَجَعَ النَّاسُ فَنَزَلُوا وَبَايَعُوا حُذَيْفَةَ، فَكَتَبَ بِالْفَتْحِ إِلَى عُمَرَ مَعَ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ قُلْتُ: وَسَمَّاهُ سَيْفٌ فِي الْفُتُوحِ طَرِيفَ بْنَ سَهْمٍ، وَعِنْدَ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ هُوَ النَّهْدِيُّ أَنَّهُ ذَهَبَ بِالْبِشَارَةِ إِلَى عُمَرَ، فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَا تَرَافَقَا، وَذَكَرَ الطَّبَرِيُّ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ، وَقِيلَ: سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ، وَفِي الْحَدِيثِ مَنْقَبَةٌ لِلنُّعْمَانِ وَمَعْرِفَةُ الْمُغِيرَةِ بِالْحَرْبِ وَقُوَّةُ نَفْسِهِ وَشَهَامَتُهُ وَفَصَاحَتُهُ وَبَلَاغَتُهُ، وَلَقَدِ اشْتَمَلَ كَلَامُهُ هَذَا الْوَجِيزُ عَلَى بَيَانِ أَحْوَالِهِمُ الدُّنْيَوِيَّةِ مِنَ الْمَطْعَمِ وَالْمَلْبَسِ وَنَحْوِهِمَا، وَعَلَى أَحْوَالِهِمُ الدِّينِيَّةِ أَوَّلًا وَثَانِيًا، وَعَلَى مُعْتَقَدِهِمْ مِنَ التَّوْحِيدِ وَالرِّسَالَةِ وَالْإِيمَانِ بِالْمِعَادِ، وَعَلَى بَيَانِ مُعْجِزَاتِ الرَّسُولِ ﷺ وَإِخْبَارِهِ بِالْمُغَيَّبَاتِ وَوُقُوعِهَا كَمَا أَخْبَرَ، وَفِيهِ فَضْلُ الْمَشُورَةِ وَأَنَّ الْكَبِيرَ لَا نَقْصَ عَلَيْهِ فِي مُشَاوَرَةِ مَنْ هُوَ دُونَهُ، وَأَنَّ الْمَفْضُولَ قَدْ يَكُونُ أَمِيرًا عَلَى الْأَفْضَلِ، لِأَنَّ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ كَانَ فِي جَيْشٍ عَلَيْهِ فِيهِ
النُّعْمَانُ بْنُ مُقَرِّنٍ، وَالزُّبَيْرُ أَفْضَلُ مِنْهُ اتِّفَاقًا، وَمِثْلُهُ تَأْمِيرُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَلَى جَيْشٍ فِيهِ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ كَمَا سَيَأْتِي فِي أَوَاخِرِ الْمَغَازِي، وَفِيهِ ضَرْبُ الْمَثَلِ وَجَوْدَةُ تَصَوُّرِ الْهُرْمُزَانِ وَلِذَلِكَ اسْتَشَارَهُ عُمَرُ، وَتَشْبِيهٌ لِغَائِبِ الْمَجُوسِ بِحَاضِرٍ مَحْسُوسٍ لِتَقْرِيبِهِ إِلَى الْفَهْمِ، وَفِيهِ الْبُدَاءَةُ بِقِتَالِ الْأَهَمِّ فَالْأَهَمِّ، وَبَيَانُ مَا كَانَ الْعَرَبُ عَلَيْهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنَ الْفَقْرِ وَشَظَفِ الْعَيْشِ، وَالْإِرْسَالُ إِلَى الْإِمَامِ بِالْبِشَارَةِ، وَفَضْلُ الْقِتَالِ بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ عَلَى مَا قَبْلَهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي الْجِهَادِ، وَلَا يُعَارِضُهُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ ﷺ كَانَ يُغِيرُ صَبَاحًا لِأَنَّ هَذَا عِنْدَ الْمُصَافَفَةِ وَذَاكَ عِنْدَ الْغَارَةِ.
٢ - بَاب إِذَا وَادَعَ الْإِمَامُ مَلِكَ الْقَرْيَةِ هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ لِبَقِيَّتِهِمْ؟
٣١٦١ - حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى، عَنْ عَبَّاسٍ السَّاعِدِيِّ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ: غَزَوْنَا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ تَبُوكَ، وَأَهْدَى مَلِكُ أَيْلَةَ لِلنَّبِيِّ ﷺ بَغْلَةً بَيْضَاءَ، وَكَسَاهُ بُرْدًا، وَكَتَبَ لَهُ بِبَحْرِهِمْ
قَوْلُهُ: (بَابُ إِذَا وَادَعَ الْإِمَامُ مَلِكَ الْقَرْيَةِ هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ لِبَقِيَّتِهِمْ)؟ أَيْ لِبَقِيَّةِ أَهْلِ الْقَرْيَةِ.
أَوْرَدَ فِيهِ طَرَفًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ غَزَوْنَا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ تَبُوكَ فَأَهْدَى مَلِكُ أَيْلَةَ بَغْلَةً الْحَدِيثَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بِتَمَامِهِ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ، وَقَوْلُهُ وَكَسَاهُ بُرْدًا كَذَا فِيهِ بِالْوَاوِ، وَلِأَبِي ذَرٍّ بِالْفَاءِ وَهُوَ أَوْلَى لِأَنَّ فَاعِلَ كَسَا هُوَ النَّبِيُّ ﷺ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute