١٤ - بَاب إِذَا تَصَدَّقَ عَلَى غَنِيٍّ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ
١٤٢١ - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنْ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: لَأَتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ فَوَضَعَهَا فِي يَدِ سَارِقٍ، فَأَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ: تُصُدِّقَ عَلَى سَارِقٍ، فَقَالَ اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ، لَأَتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ، فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ فَوَضَعَهَا فِي يَدِ زَانِيَةٍ، فَأَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ: تُصُدِّقَ اللَّيْلَةَ عَلَى زَانِيَةٍ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ، عَلَى زَانِيَةٍ، لَأَتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ، فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ فَوَضَعَهَا فِي يَدَيْ غَنِيٍّ، فَأَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ، تُصُدِّقَ عَلَى غَنِيٍّ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ، عَلَى سَارِقٍ، وَعَلَى زَانِيَةٍ، وَعَلَى غَنِيٍّ، فَأُتِيَ فَقِيلَ لَهُ: أَمَّا صَدَقَتُكَ عَلَى سَارِقٍ فَلَعَلَّهُ أَنْ يَسْتَعِفَّ عَنْ سَرِقَتِهِ، وَأَمَّا الزَّانِيَةُ فَلَعَلَّهَا أَنْ تَسْتَعِفَّ عَنْ زِنَاهَا، وَأَمَّا الْغَنِيُّ فَلَعَلَّهُ يَعْتَبِرُ، فَيُنْفِقُ مِمَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ.
قَوْلُهُ: (بَابُ إِذَا تَصَدَّقَ عَلَى غَنِيٍّ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ) أَيْ: فَصَدَقَتُهُ مَقْبُولَةٌ.
قَوْلُهُ: (عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ فِي الْغَرَائِبِ لِلدَّارَقُطْنِيِّ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ هُرْمُزَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ.
قَوْلُهُ: (قَالَ رَجُلٌ) لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ، وَوَقَعَ عِنْدَ أَحْمَدَ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنِ الْأَعْرَجِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ كَانَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ.
قَوْلُهُ: (لَأَتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ) فِي رِوَايَةِ أَبِي عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي أُمَيَّةَ، عَنْ أَبِي الْيَمَانِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ: لَأَتَصَدَّقَنَّ اللَّيْلَةَ. وَكَرَّرَ كَذَلِكَ فِي الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ، وَكَذَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ وَرْقَاءَ، وَمُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ مُوسَى بْنِ عَقَبَةَ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ فِي غَرَائِبِ مَالِكٍ كُلُّهُمْ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ. وَقَوْلُهُ: لَأَتَصَدَّقَنَّ مِنْ بَابِ الِالْتِزَامِ كَالنَّذْرِ مَثَلًا، وَالْقَسَمُ فِيهِ مُقَدَّرٌ، كَأَنَّهُ قَالَ: وَاللَّهِ لَأَتَصَدَّقَنَّ.
قَوْلُهُ: (فَوَضَعَهَا فِي يَدِ سَارِقٍ) أَيْ: وَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ سَارِقٌ.
قَوْلُهُ: (فَأَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ: تُصُدِّقَ عَلَى سَارِقٍ) فِي رِوَايَةِ أَبِي أُمَيَّةَ: تُصُدِّقَ اللَّيْلَةَ عَلَى سَارقٍ، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ لَهِيعَةَ: تُصُدِّقَ اللَّيْلَةَ عَلَى فُلَانٍ السَّارِقِ. وَلَمْ أَرَ فِي شَيْءٍ مِنَ الطُّرُقِ تَسْمِيَةَ أَحَدٍ مِنَ الثَّلَاثَةِ الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِمْ. وَقَوْلُهُ: تُصُدِّقَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ.
قَوْلُهُ: (فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ) أَيْ: لَا لِي لِأَنَّ صَدَقَتِي وَقَعَتْ بِيَدِ مَنْ لَا يَسْتَحِقُّهَا فَلَكَ الْحَمْدُ حَيْثُ كَانَ ذَلِكَ بِإِرَادَتِكَ لَا بِإِرَادَتِي، فَإِنَّ إِرَادَةَ اللَّهِ كُلَّهَا جَمِيلَةٌ. قَالَ الطِّيبِيُّ: لَمَّا عَزَمَ عَلَى أَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَى مُسْتَحِقٍّ فَوَضَعَهَا بِيَدِ زَانِيَةٍ حَمِدَ اللَّهَ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُقَدِّرْ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَى مَنْ هُوَ أَسْوَأُ حَالًا مِنْهَا، أَوْ أَجْرَى الْحَمْدَ مَجْرَى التَّسْبِيحِ فِي اسْتِعْمَالِهِ عِنْدَ مُشَاهَدَةِ مَا يُتَعَجَّبُ مِنْهُ تَعْظِيمًا لِلَّهِ، فَلَمَّا تَعَجَّبُوا مِنْ فِعْلِهِ تَعَجَّبَ هُوَ أَيْضًا فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ، عَلَى زَانِيَةٍ، أَيْ: الَّتِي تَصَدَّقْتُ عَلَيْهَا، فَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ. انْتَهَى. وَلَا يَخْفَى بُعْدُ هَذَا الْوَجْهِ، وَأَمَّا الَّذِي قَبْلَهُ فَأَبْعَدُ مِنْهُ. وَالَّذِي يَظْهَرُ الْأَوَّلُ وَأَنَّهُ سَلَّمَ وَفَوَّضَ وَرَضِيَ بِقَضَاءِ اللَّهِ، فَحَمِدَ اللَّهَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ، لِأَنَّهُ الْمَحْمُودُ عَلَى جَمِيعِ الْحَالِ، لَا يُحْمَدُ عَلَى الْمَكْرُوهِ سِوَاهُ، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ إِذَا رَأَى مَا لَا يُعْجِبُهُ قَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلَى كُلِّ حَالٍ.
قَوْلُهُ: (فَأُتِيَ فَقِيلَ لَهُ) فِي رِوَايَةِ الطَّبَرَانِيِّ فِي مُسْنَدِ الشَّامِيِّينَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ، عَنْ أَبِي الْيَمَانِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ: فَسَاءَهُ ذَلِكَ فَأَتَى فِي مَنَامِهِ. وَأَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ عَنْهُ، وَكَذَا الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ شُعَيْبٍ وَفِيهِ تَعْيِينُ أَحَدِ الِاحْتِمَالَاتِ الَّتِي ذَكَرَهَا ابْنُ التِّينِ وَغَيْرُهُ، قَالَ الْكِرْمَانِيُّ: قَوْلُهُ أُتِيَ أَيْ: أُرِيَ فِي الْمَنَامِ أَوْ سَمِعَ هَاتِفًا مَلَكًا أَوْ غَيْرَهُ أَوْ أَخْبَرَهُ نَبِيٌّ أَوْ أَفْتَاهُ عَالِمٌ. وَقَالَ غَيْرُهُ: أَوْ أَتَاهُ مَلَكٌ فَكَلَّمَهُ، فَقَدْ كَانَتِ الْمَلَائِكَةُ تُكَلِّمُ