للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ذِي قَرَدٍ وَبَيْنَ خَيْبَرَ، وَعَلَيْهِ جَرَى الْإِسْمَاعِيلِيُّ، وَوَقَعَ عِنْدَ الْبَاقِينَ تَالِيًا لِحَدِيثِ الْعُرَنِيِّينَ الَّذِي قَبْلَهُ وَهُوَ الرَّاجِحُ، وَلَعَلَّ الْفَصْلَ وَقَعَ مَن تَغْيِيرِ بَعْضِ الرُّوَاةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْبُخَارِيُّ تَعَمَّدَ ذَلِكَ إِشَارَةً مِنْهُ إِلَى أَنَّ قِصَّةَ الْعُرَنِيِّينَ مُتَّحِدَةٌ مَعَ غَزْوَةِ ذِي قَرَدٍ كَمَا يُشِيرُ إِلَيْهِ كَلَامُ بَعْضِ أَهْلِ الْمَغَازِي، وَإِنْ كَانَ الرَّاجِحُ خِلَافَهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

٣٧ - بَاب غَزْوَةِ ذات القَرَدَ

وَهِيَ الْغَزْوَةُ الَّتِي أَغَارُوا عَلَى لِقَاحِ النَّبِيِّ قَبْلَ خَيْبَرَ بِثَلَاثٍ

٤١٩٤ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا حَاتِمٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ سَلَمَةَ بْنَ الْأَكْوَعِ يَقُولُ: خَرَجْتُ قَبْلَ أَنْ يُؤَذَّنَ بِالْأُولَى، وَكَانَتْ لِقَاحُ رَسُولِ اللَّهِ تَرْعَى بِذِي قَرَدَ. قَالَ: فَلَقِيَنِي غُلَامٌ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فَقَالَ: أُخِذَتْ لِقَاحُ رَسُولِ اللَّهِ . قُلْتُ: مَنْ أَخَذَهَا؟ قَالَ: غَطَفَانُ. قَالَ: فَصَرَخْتُ ثَلَاثَ صَرَخَاتٍ: يَا صَبَاحَاهْ! قَالَ: فَأَسْمَعْتُ مَا بَيْنَ لَابَتَيْ الْمَدِينَةِ، ثُمَّ انْدَفَعْتُ عَلَى وَجْهِي حَتَّى أَدْرَكْتُهُمْ وَقَدْ أَخَذُوا يَسْتَقُونَ مِنْ الْمَاءِ، فَجَعَلْتُ أَرْمِيهِمْ بِنَبْلِي - وَكُنْتُ رَامِيًا - وَأَقُولُ:

أَنَا ابْنُ الْأَكْوَعْ، … الْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعْ.

وَأَرْتَجِزُ، حَتَّى اسْتَنْقَذْتُ اللِّقَاحَ مِنْهُمْ، وَاسْتَلَبْتُ مِنْهُمْ ثَلَاثِينَ بُرْدَةً. قَالَ: وَجَاءَ النَّبِيُّ وَالنَّاسُ، فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، قَدْ حَمَيْتُ الْقَوْمَ الْمَاءَ وَهُمْ عِطَاشٌ، فَابْعَثْ إِلَيْهِمْ السَّاعَةَ. فَقَالَ: يَا ابْنَ الْأَكْوَعِ، مَلَكْتَ فَأَسْجِحْ. قَالَ: ثُمَّ رَجَعْنَا، وَيُرْدِفُنِي رَسُولُ اللَّهِ عَلَى نَاقَتِهِ حَتَّى دَخَلْنَا الْمَدِينَةَ.

قوله: (باب غزوة ذي قرد) بفتح القاف والراء، وحكي الضم فيها، وحكي ضم أوله وفتح ثانيه، قال الحازمي: الأول ضبط أصحاب الحديث، والضم عن أهل اللغة. وقال البلاذري: الصواب الأول. وهو ماء على نحو بريد مما يلي بلاد غطفان، وقيل: على مسافة يوم.

قَوْلُهُ: (وَهِيَ الْغَزْوَةُ الَّتِي أَغَارُوا فِيهَا عَلَى لِقَاحِ النَّبِيِّ قَبْلَ خَيْبَرَ بِثَلَاثٍ) كَذَا جَزَمَ بِهِ، وَمُسْتَنَدُهُ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ عَنْ أَبِيهِ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ الطَّوِيلِ الَّذِي أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِهِ: قَالَ: فَرَجَعْنَا - أَيْ مِنَ الْغَزْوَةِ - إِلَى الْمَدِينَةِ، فَوَاللَّهِ مَا لَبِثْنَا بِالْمَدِينَةِ إِلَّا ثَلَاثَ لَيَالٍ حَتَّى خَرَجْنَا إِلَى خَيْبَرَ. وَأَمَّا ابْنُ سَعْدٍ فَقَالَ: كَانَتْ غَزْوَةُ ذِي قَرَدٍ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ سِتٍّ قَبْلَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَقِيلَ: فِي جُمَادَى الْأُولَى. وَعَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: فِي شَعْبَانَ مِنْهَا، فَإِنَّهُ قَالَ: كَانَتْ بَنُو لِحْيَانَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ سِتٍّ، فَلَمَّا رَجَعَ النَّبِيُّ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلَمْ يُقِمْ بِهَا إِلَّا لَيَالِيَ حَتَّى أَغَارَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ عَلَى لِقَاحِهِ. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ شَارِحُ مُسْلِمٍ فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ: لَا يَخْتَلِفُ أَهْلُ السِّيَرِ أَنَّ غَزْوَةَ ذِي قَرَدٍ كَانَتْ قَبْلَ الْحُدَيْبِيَةِ، فَيَكُونُ مَا وَقَعَ فِي حَدِيثِ سَلَمَةَ مِنْ وَهَمِ بَعْضِ الرُّوَاةِ، قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُجْمَعَ بِأَنْ يُقَالَ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ كَانَ أَغْزَى سَرِيَّةً فِيهِمْ سَلَمَةُ بْنُ الْأَكْوَعِ إِلَى خَيْبَرَ قَبْلَ فَتْحِهَا، فَأَخْبَرَ سَلَمَةُ عَنْ نَفْسِهِ وَعَمَّنْ خَرَجَ مَعَهُ، يَعْنِي حَيْثُ قَالَ: خَرَجْنَا إِلَى خَيْبَرَ. قَالَ: وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ ابْنَ إِسْحَاقَ ذَكَرَ أَنَّ النَّبِيَّ أَغْزَى إِلَيْهَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ قَبْلَ فَتْحِهَا مَرَّتَيْنِ، انْتَهَى.

وَسِيَاقُ الْحَدِيثِ يَأْتي هَذَا الْجَمْعَ، فَإِنَّ فِيهِ بَعْدَ قَوْلِهِ: حِينَ خَرَجْنَا إِلَى خَيْبَرَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ، فَجَعَلَ عُمَرُ يَرْتَجِزُ بِالْقَوْلِ، وَفِيهِ