مِنْهَا حُكْمَ جَاسُوسِ الْكُفَّارِ، فَإِذَا طَلَعَ عَلَيْهِ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ لَا يَكْتُمُ أَمَرَهُ بَلْ يَرْفَعُهُ إِلَى الْإِمَامِ لِيَرَى فِيهِ رَأْيَهُ. وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي جَوَازِ قَتْلِ جَاسُوسِ الْكُفَّارِ، وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِ بَعْدَ أَحَدٍ وَثَلَاثِينَ بَابًا.
ثُمَّ ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ عَلِيٍّ فِي قِصَّةِ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى شَرْحِهِ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْمُمْتَحَنَةِ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَنَذْكُرُ فِيهِ الْمَرْأَةَ وَتَسْمِيَةَ مَنْ عُرِفَ مِمَّنْ كَاتَبَهُ حَاطِبٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ.
وَقَوْلُهُ فِيهِ: رَوْضَةُ خَاخٍ بِمَنْقُوطَتَيْنِ مِنْ فَوْقٍ، وَالظَّعِينَةُ بِالظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ: الْمَرْأَةُ، وَقَوْلُهُ فِي آخِرِهِ: قَالَ سُفْيَانُ وَأَيُّ إِسْنَادٍ هَذَا أَيْ: عَجَبًا لِجَلَالَةِ رِجَالِهِ وَصَرِيحِ اتِّصَالِهِ
١٤٢ - بَاب الْكِسْوَةِ لِلْأُسَارَى
٣٠٠٨ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ ﵄ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمَ بَدْرٍ أُتِيَ بِالْعَبَّاسِ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ثَوْبٌ، فَنَظَرَ النَّبِيُّ ﷺ لَهُ قَمِيصًا، فَوَجَدُوا قَمِيصَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ يَقْدُرُ عَلَيْهِ، فَكَسَاهُ النَّبِيُّ ﷺ إِيَّاهُ، فَلِذَلِكَ نَزَعَ النَّبِيُّ ﷺ قَمِيصَهُ الَّذِي أَلْبَسَهُ.
قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: كَانَتْ لَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ يَدٌ فَأَحَبَّ أَنْ يُكَافِئَهُ.
قَوْلُهُ: (بَابُ الْكِسْوَةِ لِلْأُسَارَى) أَيْ: بِمَا يُوَارِي عَوْرَاتِهِمْ، إِذْ لَا يَجُوزُ النَّظَرُ إِلَيْهَا.
قَوْلُهُ: (عَنْ عَمْرٍو) هُوَ ابْنُ دِينَارٍ.
قَوْلُهُ: (لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ أُتِيَ بِأُسَارَى) مِنَ الْمُشْرِكِينَ.
قَوْلُهُ: (وَأُتِيَ بِالْعَبَّاسِ) أَيِ: ابْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ.
قَوْلُهُ: (يَقْدُرُ عَلَيْهِ) بِضَمِّ الدَّالِ، وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْعَبَّاسَ كَانَ بَيْنَ الطُّولِ، وَكَذَلِكَ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ.
قَوْلُهُ: (فَلِذَلِكَ نَزَعَ النَّبِيُّ ﷺ قَمِيصَهُ الَّذِي أَلْبَسَهُ) أَيْ: لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ عِنْدَ دَفْنِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُ ذَلِكَ فِي أَوَاخِرِ الْجَنَائِزِ وَمَا يُحْتَمَلُ فِي ذَلِكَ مِنَ الْإِدْرَاجِ، وَقَوْلُهُ فِي آخِرِ هَذَا الْحَدِيثِ: قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: كَانَتْ لَهُ، أَيْ: لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ. وَقَوْلُهُ: يَدٌ أَيْ: نِعْمَةٌ، وَهُوَ مُحَصَّلُ مَا سَبَقَ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْجَنَائِزِ: كَانُوا يَرَوْنَ إِلَخْ
١٤٣ - بَاب فَضْلِ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ رَجُلٌ
٣٠٠٩ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيُّ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَهْلٌ ﵁ يَعْنِي ابْنَ سَعْدٍ - قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ يَوْمَ خَيْبَرَ: لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلًا يُفْتَحُ عَلَى يَدَيْهِ، يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ. فَبَاتَ النَّاسُ لَيْلَتَهُمْ أَيُّهُمْ يُعْطَى، فَغَدَوْا كُلُّهُمْ يَرْجُوهُ، فَقَالَ: أَيْنَ عَلِيٌّ؟ فَقِيلَ: يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ. فَبَصَقَ فِي عَيْنَيْهِ وَدَعَا لَهُ، فَبَرَأَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ، فَأَعْطَاهُ، فَقَالَ: أُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا؟ فَقَالَ: انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ، فَوَاللَّهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ.
قَوْلُهُ: (بَابُ فَضْلِ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ رَجُلٌ) ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فِي قِصَّةِ عَلِيٍّ يَوْمَ خَيْبَرَ، وَالْمُرَادُ مِنْهُ