شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلْيَنْفُثْ عَنْ شِمَالِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهَا وَأَذَاهَا فَإِنَّهَا لَا تَضُرُّ، وَكَذَا مَضَى فِي الطِّبِّ مِنْ رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وَسَيَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ فِي بَابِ الْحُلْمِ مِنَ الشَّيْطَانِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بِلَفْظِ: فَإِذَا حَلَمَ أَحَدُكُمُ الْحُلْمَ يَكْرَهُهُ فَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ وَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْهُ فَلَنْ يَضُرَّهُ.
وَلِمُسْلِمٍ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ: عَنْ يَسَارِهِ حِينَ يَهُبُّ مِنْ نَوْمِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَسَيَأْتِي فِي بَابِ مَنْ رَأَى النَّبِيَّ ﷺ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بِلَفْظِ: فَمَنْ رَأَى شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلْيَنْفُثْ عَنْ شِمَالِهِ ثَلَاثًا وَلْيَتَعَوَّذْ مِنَ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهَا لَا تَضُرُّهُ، وَمِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ الْآتِيَةِ فِي بَابِ إِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ، بِلَفْظِ: وَإِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ فَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهَا وَمِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ وَلْيَتْفُلْ ثَلَاثًا وَلَا يُحَدِّثْ بِهَا أَحَدًا فَإِنَّهَا لَنْ تَضُرُّهُ وَهَذِهِ أَتَمُّ الرِّوَايَاتِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ لَفْظًا.
قَالَ الْمُهَلَّبُ: سَمَّى الشَّارِعُ الرُّؤْيَا الْخَالِصَةَ مِنَ الْأَضْغَاثِ صَالِحَةً وَصَادِقَةً وَأَضَافَهَا إِلَى اللَّهِ، وَسَمَّى الْأَضْغَاثَ حُلْمًا وَأَضَافَهَا إِلَى الشَّيْطَانِ؛ إِذْ كَانَتْ مَخْلُوقَةً عَلَى شَاكِلَتِهِ فَأَعْلَمَ النَّاسَ بِكَيْدِهِ وَأَرْشَدَهُمْ إِلَى دَفْعِهِ لِئَلَّا يُبَلِّغُوهُ أَرَبَهُ فِي تَحْزِينِهِمْ وَالتَّهْوِيلِ عَلَيْهِمْ، وَقَالَ أَبُو عَبْدِ الْمَلِك: أُضِيفَتْ إِلَى الشَّيْطَانِ لِكَوْنِهَا عَلَى هَوَاهُ وَمُرَادِهِ.
وَقَالَ ابْنُ الْبَاقِلَّانِيِّ: يَخْلُقُ اللَّهُ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةَ بِحَضْرَةِ الْمَلَكِ وَيَخْلُقُ الرُّؤْيَا الَّتِي تُقَابِلُهَا بِحَضْرَةِ الشَّيْطَانِ، فَمِنْ ثَمَّ أُضِيفَ إِلَيْهِ، وَقِيلَ: أُضِيفَتْ إِلَيْهِ لِأَنَّهُ الَّذِي يُخَيِّلُ بِهَا وَلَا حَقِيقَةَ لَهَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ.
الحديث الثاني عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَوْلُهُ: (حَدَّثَنِي ابْنُ الْهَادِ) هُوَ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ اللَّيْثِيُّ، وَسَيَأْتِي مَنْسُوبًا فِي بَابِ إِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ.
قَوْلُهُ: (فَإِنَّمَا هِيَ مِنَ اللَّهِ) فِي الرِّوَايَةِ الْمَذْكُورَةِ: فَإِنَّهَا مِنَ اللَّهِ، فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ عَلَيْهَا وَلْيَتَحَدَّثْ بِهَا، وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فَلْيَتَحَدَّثْ وَمِثْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الْمَذْكُورَةِ.
قَوْلُهُ: (وَإِذَا رَأَى غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يُكْرَهُ فَإِنَّمَا هِيَ مِنَ الشَّيْطَانِ فَلْيَسْتَعِذْ) زَادَ فِي نُسْخَةٍ بِاللَّهِ.
قَوْلُهُ: (وَلَا يَذْكُرْهَا لِأَحَدٍ فَإِنَّهَا لَا تَضُرُّهُ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فِي بَابِ إِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ فَإِنَّهَا لَنْ تَضُرَّهُ، فَحَاصِلُ مَا ذُكِرَ مِنْ أَبْوَابِ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةِ ثَلَاثُ أَشْيَاءَ: أَنْ يَحْمَدَ اللَّهَ عَلَيْهَا، وَأَنْ يَسْتَبْشِرَ بِهَا، وَأَنْ يَتَحَدَّثَ بِهَا لَكِنْ لِمَنْ يُحِبُّ دُونَ مَنْ يَكْرَهُ، وَحَاصِلُ مَا ذُكِرَ مِنْ أَدَبِ الرُّؤْيَا الْمَكْرُوهَةِ أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ: أَنْ يَتَعَوَّذَ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهَا، وَمِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ، وَأَنْ يَتْفُلَ حِينَ يَهُبُّ مِنْ نَوْمِهِ عَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثًا، وَلَا يَذْكُرُهَا لِأَحَدٍ أَصْلًا. وَوَقَعَ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فِي بَابِ الْقَيْدِ فِي الْمَنَامِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ خَامِسَةٌ وَهِيَ الصَّلَاةُ وَلَفْظُهُ: فَمَنْ رَأَى شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلَا يَقُصَّهُ عَلَى أَحَدٍ وَلْيَقُمْ فَلْيُصَلِّ لَكِنْ لَمْ يُصَرِّحِ الْبُخَارِيُّ بِوَصْلِهِ وَصَرَّحَ بِهِ مُسْلِمٌ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي بَابِهِ، وَغَفَلَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ فَقَالَ: زَادَ التِّرْمِذِيُّ عَلَى الصَّحِيحَيْنِ بِالْأَمْرِ بِالصَّلَاةِ، انْتَهَى.
وَزَادَ مُسْلِمٌ سَادِسَةً وَهِيَ التَّحَوُّلُ عَنْ جَنْبِهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ فَقَالَ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ رُمْحٍ، أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ رَفَعَهُ: إِذَا رَأَى أَحَدُكُمُ الرُّؤْيَا يَكْرَهُهَا فَلْيَبْصُقْ عَلَى يَسَارِهِ ثَلَاثًا وَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ ثَلَاثًا وَلْيَتَحَوَّلْ عَنْ جَنْبِهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ، وَقَالَ قَبْلَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ كُلُّهُمْ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ يَعْنِي عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ مِثْلَ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وَزَادَ ابْنُ رُمْحٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: وَلْيَتَحَوَّلْ عَنْ جَنْبِهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ وَذَكَرَ بَعْضُ الْحُفَّاظِ أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ إِنَّمَا هِيَ فِي حَدِيثِ اللَّيْثِ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ كَمَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ قُتَيْبَةُ، وَابْنُ رُمْحٍ.
وَأَمَّا طَرِيقُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ فِي حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ فَلَيْسَتْ فِيهِ وَلِذَلِكَ لَمْ يَذْكُرْهَا قُتَيْبَةُ، وَفِي الْجُمْلَةِ فَتَكْمُلُ الْآدَابُ سِتَّةً الْأَرْبَعَةَ الْمَاضِيَةَ وَالصَّلَاةَ وَالتَّحَوُّلَ، وَرَأَيْتُ فِي بَعْضِ الشُّرُوحِ