قَوْلُهُ: (بَابُ الْقِرَاءَةِ فِي الْفَجْرِ) يَعْنِي صَلَاةَ الصُّبْحِ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ قَرَأَ النَّبِيُّ ﷺ بِالطُّورِ) يَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ.
قَوْلُهُ: (عَنْ وَقْتِ الصَّلَاةِ) فِي رِوَايَةِ غَيْرِ أَبِي ذَرٍّ الصَّلَوَاتُ وَالْمُرَادُ الْمَكْتُوبَاتُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى حَدِيثِ أَبِي بَرْزَةَ الْمَذْكُورِ فِي الْمَوَاقِيتِ، وَقَوْلُهُ هُنَا: (وَكَانَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ أَوْ إِحْدَاهُمَا مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إِلَى الْمِائَةِ) أَيْ مِنَ الْآيَاتِ، وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ تَفَرَّدَ بِهَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ وَالشَّكُّ فِيهِ مِنْهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْ رِوَايَةِ الطَّبَرَانِيِّ تَقْدِيرُهَا بِالْحَاقَّةِ وَنَحْوِهَا، فَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي كُلِّ الرَّكْعَتَيْنِ فَهُوَ مُنْطَبِقٌ عَلَى حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قِرَاءَاتِهِ فِي صُبْحِ الْجُمُعَةِ تَنْزِيلُ السَّجْدَةَ وَهَلْ أَتَى، وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ فَهُوَ مُنْطَبِقٌ عَلَى حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ فِي قِرَاءَاتِهِ فِي الصُّبْحِ بِـ ق أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ بِالصَّافَّاتِ، وَفِي أُخْرَى عِنْدَ الْحَاكِمِ بِالْوَاقِعَةِ. وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَصَدَ بِإِيرَادِ حَدِيثَيْ أُمِّ سَلَمَةَ وَأَبِي بَرْزَةَ فِي هَذَا الْبَابِ بَيَانَ حَالَتَيِ السَّفَرِ وَالْحَضَرِ، ثُمَّ ثَلَّثَ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الدَّالِّ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ قَدْرٍ مُعَيَّنٍ.
قَوْلُهُ: (إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ) هُوَ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ عُلَيَّةَ، وَقَدْ تَكَلَّمَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ فِي حَدِيثِهِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ خَاصَّةً لَكِنْ تَابَعَهُ عَلَيْهِ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي الْحَجَّاجِ عِنْدَ أَبِي عَوَانَةَ، وَغُنْدَرٌ عِنْدَ أَحْمَدَ، وَخَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ عِنْدَ النَّسَائِيِّ، وَابْنُ وَهْبٍ عِنْدَ ابْنِ خُزَيْمَةَ سِتَّتُهُمْ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، مِنْهُمْ مَنْ ذَكَرَ الْكَلَامَ الْأَخِيرَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَذْكُرْهُ. وَتَابَعَ ابْنَ جُرَيْجٍ، حَبِيبٌ الْمُعَلِّمُ عِنْدَ مُسْلِمٍ، وَأَبِي دَاوُدَ، وَحَبِيبُ بْنُ الشَّهِيدِ عِنْدَ مُسْلِمٍ، وَأَحْمَدَ، وَرَقَبَةُ بْنُ مَصْقَلَةَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ، وَقَيْسُ بْنُ سَعْدٍ، وَعُمَارَةُ بْنُ مَيْمُونٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ، وَحُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ عِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ سِتَّتُهُمْ عَنْ عَطَاءٍ، مِنْهُمْ مَنْ طَوَّلَهُ وَمِنْهُمْ مَنِ اخْتَصَرَهُ.
قَوْلُهُ: (فِي كُلِّ صَلَاةٍ يُقْرَأُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ نَقْرَأُ بِنُونٍ مَفْتُوحَةٍ فِي أَوَّلِهِ كَذَا هُوَ مَوْقُوفٌ، وَكَذَا هُوَ عِنْدَ مَنْ ذَكَرْنَا رِوَايَتَهُ إِلَّا حَبِيبَ بْنَ الشَّهِيدِ فَرَوَاهُ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ: لَا صَلَاةَ إِلَّا بِقِرَاءَةٍ هَكَذَا أَوْرَدَهُ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي أُسَامَةَ عَنْهُ، وَقَدْ أَنْكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَلَى مُسْلِمٍ وَقَالَ: إِنَّ الْمَحْفُوظَ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ وَقْفُهُ كَمَا رَوَاهُ أَصْحَابُ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَكَذَا رَوَاهُ أَحْمَدُ، عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ، وَأَبِي عُبَيْدَةَ الْحَدَّادِ كِلَاهُمَا عَنْ حَبِيبٍ الْمَذْكُورِ مَوْقُوفًا، وَأَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَةَ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ أَبِي الْحَجَّاجِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ كَرِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ لَكِنْ زَادَ فِي آخِرِهِ: وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: لَا صَلَاةَ إِلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَظَاهِرُ سِيَاقِهِ أَنَّ ضَمِيرَ سَمِعْتُهُ لِلنَّبِيِّ ﷺ فَيَكُونُ مَرْفُوعًا، بِخِلَافِ رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ. نَعَمْ قَوْلُهُ: مَا أَسْمَعَنَا وَمَا أَخْفَى عَنَّا يُشْعِرُ بِأَنَّ جَمِيعَ مَا ذَكَرَهُ مُتَلَقًّى عَنِ النَّبِيِّ ﷺ فَيَكُونُ لِلْجَمِيعِ حُكْمُ الرَّفْعِ.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ تَزِدْ) بِلَفْظِ الْخِطَابِ، وَبَيَّنَتْهُ رِوَايَةُ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي خَيْثَمَةَ، وَعَمْرٍو النَّاقِدِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ: فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: إِنْ لَمْ أَزِدْ، وَكَذَا رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُسَدَّدٍ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَزَادَ أَبُو يَعْلَى فِي أَوَّلِهِ عَنْ أَبِي خَيْثَمَةَ بِهَذَا السَّنَدِ: إِذَا كُنْتَ إِمَامًا فَخَفِّفْ، وَإِذَا كُنْتَ وَحْدَكَ فَطَوِّلْ مَا بَدَا لَكَ، وَفِي كُلِّ صَلَاةٍ قِرَاءَةٌ. . . الْحَدِيثَ.
قَوْلُهُ: (أَجْزَأَتْ) أَيْ كَفَتْ، وَحَكَى ابْنُ التِّينِ رِوَايَةً أُخْرَى جَزَتْ بِغَيْرِ أَلِفٍ وَهِيَ رِوَايَةُ الْقَابِسِيِّ وَاسْتَشْكَلَهُ، ثُمَّ حَكَى عَنِ الْخَطَّابِيِّ قَالَ: يُقَالُ: جَزَى وَأَجْزَى مِثْلَ وَفَى وَأَوْفَى قَالَ: فَزَالَ الْإِشْكَالُ.
قَوْلُهُ: (فَهُوَ خَيْرٌ) فِي رِوَايَةِ حَبِيبٍ الْمُعَلِّمِ فَهُوَ أَفْضَلُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ مَنْ لَمْ يَقْرَأِ الْفَاتِحَةَ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ، وَهُوَ شَاهِدٌ لِحَدِيثِ عُبَادَةَ الْمُتَقَدِّمِ. وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ السُّورَةِ أَوِ الْآيَاتِ مَعَ الْفَاتِحَةِ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ فِي الصُّبْحِ وَالْجُمُعَةِ وَالْأُولَيَيْنِ مِنْ غَيْرِهِمَا، وَصَحَّ إِيجَابُ ذَلِكَ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ كَمَا تَقَدَّمَ وَهُوَ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ، وَقَالَ بِهِ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ وَابْنُ كِنَانَةَ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، وَحَكَاهُ الْقَاضِي الْفَرَّاءُ الْحَنْبَلِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ رِوَايَةً عَنْ أَحْمَدَ، وَقِيلَ: يُسْتَحَبُّ فِي جَمِيعِ الرَّكَعَاتِ وَهُوَ ظَاهِرُ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ هَذَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute