للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولما أراد ابن الزبير هدم الكعبة خرج أهل مكة منها بعضهم إلى الطائف وبعضهم إلى منى؛ فرقا أن ينزل عليهم عذاب لهدمها، ولم يرجعوا إلى مكة حتى أخذ فى بنائها - وبعض منهم ابن عباس حتى أكمل بناءها - فأمر ابن الزبير بهدمها فتلكأ العمال عن نقضها وما اجترأ أحد على ذلك [فلما رأى ذلك] (١) علاها بنفسه فى يوم السبت نصف جمادى الآخرة، فأخذ المعول وجعل يهدمها ويرمى بحجارتها، فلما رأى الناس أنه لم يصبه شئ اجترءوا فصعدوا يهدمون، وأرقى ابن الزبير فوق الكعبة عبيدا من الحبش يهدمونها؛ رجاء أن يكون فيهم الحبشى الذى قال رسول الله : يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة. فهدم الناس فما ترجّلت الشمس حتى ألصقها بالأرض من جوانبها جميعا.

وجعل ابن الزبير الحجر الأسود فى ديباجة وأدخله فى تابوت وقفل عليه، ووضعه عنده فى دار الندوة. وكان فى بعض جدر الكعبة قرنا الكبش الذى فدى به إسماعيل بن إبراهيم ، فلما هدمها ابن الزبير وكشفها وجدهما مطليين بمشق (٢)، فتناولهما فلما مسهما همدا من الأيدى - وقيل إن قرنى الكبش احترقا لما احترقت الكعبة.

وأرسل عبد الله بن عباس إلى ابن الزبير: ألاّ تدع الناس بغير قبلة؛ انصب لهم حول الكعبة الخشب، واجعل عليها الستور حتى يطوف الناس من ورائها ويصلون إليها. ففعل ذلك ابن الزبير وقال: أشهد


(١) سقط فى الأصول والمثبت عن أخبار مكة للأزرقى ٢٠٥:١.
(٢) المشق: المغرة وهى طين أحمر يصبغ به. (المعجم الوسيط)