واجتمع الخوارج الذين بمكة وقالوا لبعضهم بعضا: إن الذى صنعتم بالأمس لغير رأى؛ تقاتلون مع رجل لا تدرون لعله على غير رأيكم، وقد كان بالأمس يقاتلكم هو وأبوه وينادى: يا ثارات عثمان، فأتوه واسألوه عن عثمان، فإن برئ منه كان وليكم، وإن أبى كان عدوكم. فأتوه فسألوه، فنظروا فإذا أصحابه حوله قليل، فقال: إنكم أتيتمونى حين أردت القيام، ولكن روحوا العشية حتى أعلمكم.
فانصرفوا، وبعث إلى أصحابه فجمعهم حوله بباب السلام، وجاءت الخوارج - وأصحابه حوله، وعلى رأسه، وبأيديهم العمد - فقال ابن الأزرق لأصحابه: إن الرجل قد أزمع خلافكم. فتقدم إليه نافع بن الأزرق وعبيدة بن هلال فقال عبيدة بعد حمد الله: أما بعد فإن الله تعالى بعث محمدا ﷺ يدعو إلى عبادة الله، وإخلاص الدين له، فدعا إلى ذلك فأجابه/المسلمون، فعمل فيهم بكتاب الله حتى قبضه الله، واستخلف الناس أبا بكر، واستخلف أبو بكر عمر؛ فكلاهما يعمل بكتاب الله والسنة ثم إن الناس استخلفوا عثمان فحمى الأحماء وآثر القربى، واستعمل الفتى، ورفع الدّرّة ووضع السوط، ومزّق الكتاب، وضرب منكرى الجور، وآوى طريد رسول الله ﷺ، وضرب السابقين بالفضل وحرمهم، وأخذ فئ الله الذى أفاءه عليهم فقسمه فى فساق قريش وفجار (١) العرب؛ فسارت إليه طائفة فقتلوه، فنحن لهم أولياء، ومن ابن عفان وأوليائه برآء، فما تقول
(١) كذا فى الأصول. وفى تاريخ الطبرى ٥٦:٧، والكامل لابن الأثير ٤: ٧٠ «مجان».