ومن هذا يظهر أن الشافعية غلبوا جانب البائع فحظروا على المشتري التأخير في الرد؛ لأن فيه إضرارا به، وقد يكون مع هذا حسن النية حين البيع، وأن الحنفيه ومن حذا حذوهم غلبوا جانب المشتري، فوسعوا عليه؛ لأنه المظلوم. وأما المالكية: فقد التزموا خطة وسطى، فرأوا في الإلزم بالمبادرة إجحافا بحق المشتري، وفي الإمهال بدون توقيت إضرار بالبائع، فضربوا للرد مهلة يسيرة يوما أو يومين، فإن لم يرد فيها بطل حقه في الرد وألزم بالبيع بالثمن المتفق عليه، وهذا مذهب معقول معتدل. هذا، والاتفاق حاصل على أنه في أي وقت ظهر العيب جاز للمشتري الرد، أعني أن الفقهاء لم يخيروا ما بين العقد، وبين ظهور العيب بوقت معلوم لا يجوز للمشتري الرد بعده، فله الرد، ولو ظهر العيب بعد سنة من تاريخ التعاقد ما دام لم توجد منه، أو عنده حالة تمنع الرد شرعا. ينظر: الخيارات في البيع، لشيخنا محمد مندور، وينظر: المحلى ٩/٧٣،٨١، الخرشي ٥/١٣٧. ١ أخرجه مالك ٢/٦٨٣، كتاب البيوع: باب ما ينهى عن المساومة والمبايعة، الحديث ٩٦، والبخاري ٤/٣٦١، كتاب البيوع: باب النهي للبائع أن لا يحقل الإبل والبقر والغنم، الحديث ٥٠/٢، ومسلم ٣/١١٥٥، كتاب البيوع: باب تحريم بيع الرجل على بيع أخيه، الحديث ١١/١٥١٥، وفي ٣/١١٥٨-١١٥٩، باب حكم بيع المصراة، الحديث ٢٦/١٥٢٤، وأبو داود ٣/٧٢٢، كتاب البيوع الإجارات: باب من اشترى مصراة فكرهها، الحديث ٣٤٤٣، والنسائي ٧/٢٥٣، كتاب البيوع: باب النهي عن المصراة، والحميدي ٢/٤٤٦، رقم ١٠٢٨، والدارقطني ٣/٧٥، رقم ٢٨٣، والبيهقي ٥/٣١٨، كتاب البيوع: باب الحكم فيمن اشترى مصراة، وأحمد ٢/٢٤٢، ٣٩٤، ٤١٠، ٤٦٥، من طريق عن أبي هريرة به. ٢ أخرجه مسلم ٣/١١٥٨، كتاب البيوع: باب حكم بيع المصراة حديث ٢٦/١٥٢٤، وعبد الرزاق ٨/١٩٧، رقم ١٤٨٥٨، والحميدي ٢/٤٤٦، رقم ١٠٢٩، وأحمد ٢/٢٤٨، وأبو داود ٣/٨٢٧، كتاب البيوع والإجارات: باب من اشترى مصراة فكرهها حديث ٣٤٤٤، والترمذي ٣/٥٣-٥٥٤،==