الصحابة: هم الذين تلقوا السنّة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مباشرة، فإذا أخبر أحدهم بأنهم أُمروا، أو نُهوا، أو من السنة كذا، فإما أن يصرح بالآمر، والناهي، وصاحب السنة، وحينئذٍ فلا إشكال ولا خفاء.
ومثاله في الأمر: ما أخرجه الترمذي "عن أبي سعيد الخدري رضي اللَّه عنه قال: لما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم عام "الفتح" "مر الظهران" فآذننا بلقاء العدو، فأمرنا بالفطر، فأفطرنا أجمعون ... ".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
ومثاله في النهي: ما أخرجه الترمذي، عن علي بن أبي طالب قال: نهاني النبي صلى الله عليه وسلم عن التختم بالذهب، وعن لباس القسي، وعن القراءة في الركوع والسجود، وعن لبس المعصفر ... " قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
ومثاله في السنة: قول ابن عباس في متعة الحج: سنّة أبي القاسم.
وقول عمرو بن العاص في عدة أم الولد: لا تلبسوا علينا سنّة نبينا ... . رواه أبو داود.
وقول عمر في المَسْحِ: أصبت السُّنة ... صححه الدَّارقطني في "سننه".
وهذه مراتب متفاوتة في قربها من الرفع- بعضها من بعض- فأقربها: سنة أبي القاسم: ويليها سنة نبينا، ويليها: أصبت السنة.
غاية الأمر: أنه اختلف في الأمر والنهي، إذا صرح بأنه أمر الرسول ونهيه، هل يكون حجة أَوْ لا؟
فقال الجمهور: نعم.
وحكي عن أبي داود، وبعض المتكلمين: إنه لا يكون حجة؛ حتى ينقل لفظه.
وحجة الجمهور: أن الصحابي عدل عارف باللسان؛ فلا يطلق الأمر والنهي إلا بعد التحقق منه.