للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ فِي تَرْجَمَةِ أَحْمَدَ بْنِ سُهَيْلِ بْنِ أَيُّوبَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ


==أولا: إنه منسوخ، وهذه إجابة ضعيفة، لأن النسخ لا يثبت إلا بدليل تاريخي، ولم يوجد.
وأقوى من هذه الأجوبة التالية وهي:
ثانيا: أن لفظ الربا في حديث أسامة محمول على الربا الأغلظ، فليس القصر حقيقا، بل هو إضافي، أو ادعائي.
ثالثا: أن مفهوم حديث أسامة عام يشمل حل التفاضل في هذه الأصناف، وغيرها، وحديث أبي سعيد خصص هذا المفهوم فمنع بمنطوقه التفاضل في الأصناف الربوية.
وقريب من هذا ما أجاب به الشافعي رضي اله عنه من حديث أسامة مجمل، وحديث أبي سعيد وعبادة مبين، فوجب العمل بالمبين وتنزيل المجمل عليه.
رابعا: وهناك تأويل آخر لحديث أسامة يجيب به بعض الفقهاء. وهو أنه كان إجابة لمن سأل عن بيع الحنطة بالشعير، أو الذهب بالفضة، فنقل الراوي الإجابة، ولم ينقل السؤال، إما لعدم علمه، أو لعدم اشتغاله بنقله.
قال صاحب المبسوط: وتأويل حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سئل عن مبادلة الحنطة بالشعير والذهب بالفضة فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا ربا إلا في النسيئة" فهذا بناء على ما تقدم من السؤال، فكأن الراوي سمع قول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم يسمع ما تقدم من السؤال أو لم ينشغل بنقله.
يتبين جليا من الأدلة السابقة، وتوجيهها ومناقشاتها –رجحان مذهب الجمهور، على أن ما نسب إلى ابن عباس، ومن معه ثبت رجوعهم عنه، ولم يصدر ابن عباس في هذا الرأي الذي رآه أولا فيما ينسبه إليه الناسبون. عن سنة عملية رآها بنفسه من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو حفظها منه. بل كان اجتهادا منه، ولذا لما بين له أبو سعيد الخدري خطأه في ذلك لم يقو على الدفاع عن رأيه، ولم يبين لأبي سعيد سنة حفظها عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وما لم يحفظ. ورجع عن رأيه، بل استغفر الله منه وعده ذنبا أذنبه، فلا يليق بفقيه عنده مسكة من دين أن يرتب ثمرة على رأي رجع عنه صاحبه، ولا بعده خلافا. بل يجب المصير إلى رأي الجمهور، فيد الله مع الجماعة.
ويحسن أن نذكر هنا نصوص بعض العلماء والمصنفين في الموضوع: قال الترمذي على حديث أبي سعيد: العمل عند أهل العلم من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وغيرهم. قال البيهقي في المعرفة بأنه يحتمل أن الراوي اختصره فيكون النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سئل عن الربا في صنفين مختلفين ذهب بفضة أو تمر بحنطة فقال: "إنما الربا في النسيئة" فأداه دون مسألة السائل قال: وكبار الصحابة كلهم يقولون بربا الفضل. وعثمان بن عفان وعبادة بن الصامت أقدم صحبة من أسامة، وأبو هريرة، وأبو سعيد أكثر حفظا عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقد وردت أحاديثهم بذلك، فالحجة فيما رواه الأكبر، والأحفظ، والأقدم أولى.
والذي روى رجوع ابن عباس أشخاص كثيرون منهم جابر بن زيد وابن سيرين والحازمي في الناسخ والمنسوخ ومسلم، أخرج مسلم عن أبي نضرة قال: سألت ابن عباس عن الصرف، فقال: إلا يدا بيد، فقلت: نعم، قال: فلا بأس فأخبرت أبا سعيد فقال: أو قال ذلك إنا سنكتب إليه فلا يفتيكموه، وله من وجه آخر عن أبي نضرة سألت ابن عمر وابن عباس عن الصرف، فلم يريا به بأسا، وإني لقاعد عند أبي سعيد فسألته عن الصرف فقال: ما زاد فهو ربا، فأنكرت ذلك لقولهما. فذكر الحديث: قال: فحدثني أبو الصهباء أنه سأل ابن عباس عن الصرف فكرهه. وقد روى الحازمي أنه سمع عمر بن الخطاب وابنه عبد الله يحدثان عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بما يدل على تحريم ربا الفضل فقال حفظتما عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما لم أحفظ =

<<  <  ج: ص:  >  >>