وأورده أبو حيان في أول تذكرته، وقال: أورده سيبويه على أنه مما حذف منه حرف الجر، وأن تقديره: على حب العراق، وخطأه الجرمي والمبرد، فزعما أن حب العراق منصوب بإضمار فعل، وهو من باب الاشتغال يفسره أطعمه، أي: لا أطعم حب العراق الدهر لا أطعمه، وإنما ذلك على مذهب من أجاز أن يعمل ما بعد لا فيما قبلها على الإطلاق، والصحيح التفصيل بين أن تقع "لا" جوابًا للقسم، فيمنع إجراؤها مجرى ما يتلقى به القسم، أو لا تقع جوابًا له، فيجوز ذلك، ومن النحويين من منع ذلك مطلقًا، فما بعد "لا" لا يعمل فيما قبلها. وزعم بعضهم أن تقدير سيبويه:"على حب العراق" تقدير معنى، وإنما تقدير اللفظ: آليت في حب العراق، وإنما أحتاج إلى هذا لأن آليت فيك أكثر من آليت عليك، وهذا غير لازم، بل جاء السماع بهما، فذكر أحدهما، وليس تقديره بتقدير معنى. انتهى.
وأورد ابن عصفور مثل هذا في "الضرائر" قال: ومنه حذف حرف الخفض من المعمول، ووصول العامل إليه بنفسه للضرورة، تشبيهًا له بالعامل الذي يصل بنفسه. انتهى.
وقوله: آليت، بفتح التاء: خطاب لعمرو بن هند ملك الحيرة، وآليت: حلفت وأقسمت، وأراد بالحب: الحنطة والقمح، وأطعمه. آكله، ولا النافية مقدرة، كقوله تعالى:(تَالله تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ)[يوسف/ ٨٥] أي: لا تفتأ، والحب: مبتدأ، وجملة "يأكله" خبر المبتدأ. وأراد بالقرية: الشام، والسوس: قمل الحنطة، يقول: إن حلفت على أني لا آكل حنطة العراق، ومنعتني من المقام به، فأنا لا أبالي بذلك، فالحب في الشام كثير، ومن كثرته يأكله السوس، وأنا مقيم هناك، ولا حاجة لي إلى حب العراق والإقامة فيه.
والبيت من قصيدة للمتلمس، وكان هجا – مع ابن أخته طرفة ابن العبد – ملك