فقال: عز المحل لنا بائن، أي: ظاهر للناس غير خاف، بناه الله تعالى وآثرنا به، وذلك أن بلاد طي اكتنفها جبلاهم: أجا وسلمى؛ فلا يهجم عليهم الآفات ولنا مجد تليد، أي: قديم متوارث، والمأثرة: مفعلة، من أثرت الحديث: إذا رفعته، أراد أن العز اجتمع بهم مكتسبًا وموروثًا، وتالدًا وطريفًا، فلهم بذلك صيت في الناس يؤثر، وثناء يتصل كما كان لأبيهم.
وقوله: لنا باحة ... إلخ، الباحة: الساحة، والضبس: الشديد، وهو يفتح الضاد المعجمة، وكسر الموحدة، وثالثه سين مهملة. وناب القوم: سيدهم وأراد بالحاميين جبلي طي، والضمير يعود إلى الباحة، ويجوز أن يريد بالناب واحد الأنياب، وجعله مثلًا للشدة، وذكر الباحة والمراد أهلها. وقوله: بها قضب ... إلخ، جمع قضيب، وهو السيف، يريد أن ديارهم تحوي العُدد والعَدد، فسلاحهم السيوف الهندوانية، ورجالهم أسود. وغيض: جمع غيضة، وهي الأحمة، وتكون مأسدة، وتزاءر: تفاعل، من الزئير، وهو صوت الأسد، وأصله: تتزاءر، فحذف إحدى التائين. والغيض: الأصل، ومنبت كرائم الأشجار الملتفة.
وثمانون: تبيين لكمية ما أشار إليه، يقول: هم ثمانون ألفًا، ولست أقول: هذا عن إحصاء وعد، ولكنه رجم مني وحدس، فهم يبلغون رجمي لها فأضاف المصدر إلى المفعول، ويزيدون عليه. وأصل الرجم: الرمي بالقول وغيره، وأو بمعنى بل.