قال الدماميني في "المزج": والظاهر أن اختلافهم في صدارة لا النافية إنما هو في غير الناسخة، أما لا الناسخة فلا يختلفون في أن لها الصدر، وحرّر النقل في هذه المسألة، فلست على وثوق منها الآن. انتهى.
والبيت أول أبيات سبعة أوردها أبو تمام في أواسط باب الحماسة من كتاب "الحماسة" للأخزم السنبسي ووقع في روايته:
ألا أنَّني كيده ما أكيد
بـ"ما" دون "لا"، ولم يذكر شراحه رواية لا، وإنما روى "لا أكيد" كالمصنف الأعلم الشنتمري في "حماسته".
والسيوطي غفل عن رواية المصنف، وعن وجه الاستشهاد، وتبع روايته الجماعة، فقال: وما زائدة لا نافية، لأن ما في حيزها لا يعمل فيما قبلها، ولا موصولة، ولا مصدرية، لئلا يتقدم الصلة على الموصول، والمعنى: إني كيده أكيد، أي: أفعل مثل فعله. قال التبريزي: ويجوز كونها نافية، أي: ما أكيد كيده كما يكيدني لأكون خيرًا منه. انتهى كلام السيوطي.
وغفل ثانيًا عن مقتضى كلام التبريزي من فوات صدارة "ما" مع أن المعمول المتقدم مفعول، وهذا لا يجيزه أحد، وتخرج هذه الرواية على أن "ما" زائدة، أي: إنني أقابل كيده بكيد مثل كيده، يريد: إنني لا أبتدئه بمساءته، ولا أباديه بمكر وخيانة، بل أقتدي به فيما عاملني به، وأجازيه صاعًا بصاع. وأما على رواية "لا"، فالمعنى: لا أكيده كما كادني، لأكون خيرًا منه.