للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدنيا، يقول: في رحيل من رحل ومضى مهل، أي: لا يرجع، ويروى "مثلًا" أي: فيمن مضى مثل لمن بقي، أي: سيفنى كما فني. انتهى.

وتقدير الخبر مقدمًا في البيت إنما هو لكونه أولى، وليس بواجب لتنكير الاسم، لأن الإخبار عن النكرة في باب إن جائز مع تأخير الخبر كما قاله ابن مالك والرضي. وزعم ابن الملاك أن الخبر إنما قدر مقدمًا وجوبًا لتنكير الاسم، و"ما" في رواية سيبويه مصدرية، والمصدر المؤول بدل اشتمال من السفر، والضمير المستتر في مضى راجع للسفر على أنه اسم جمع لمسافر، واسم الجمع يجوز أن يعود عليه ضمير المفرد وضمير الجمع، وعليه الرواية الأخرى: "ما مضوا" أو أنه جمع سافر حقيقة، قال الجوهري: يقال: سفرت أسفر سفورًا: خرجت إلى السفر، فأنا سافر، وقوم سفر، مثل: صاحب، وصحب، وسفَّار: مثل راكب وركاب ... إلى أن قال: وسافرت إلى بلد كذا مسافرة وسفارًا. انتهى. وقال الأزهري في "تهذيب اللغة" عن الأصمعي: السفر: جمع سافر، كما يقال: شارب وشرب، ويقال: سافر وسفر أيضًا. وغفل صاحب "القاموس" فقال: السافر: المسافر، ولا فعل له، وتبعه ابن الملا.

وقول المصنف: أي إن لنا حلولًا في الدنيا، وإن لنا عنها ارتحالًا إلى الآخرة، أشار به إلى أن "محلًا" و"مرتحلًا" مصدران ميميان بمعنى الحلول والارتحال، وأن متعلقهما وخبر إن في الموضعين – محذوفان. وقول المصنف: وإن في الجماعة الذين ماتوا قبلنا إمهالًا لنا .. إلخ، أشار إلى أن المراد بالسفر: الذين ماتوا، وأن متعلق مهلًا محذوف، وأن مهلًا اسم مصدر بمعنى إمهال.

وهذا مأخوذ من كلام ابن الحاجب قال في "أماليه": بمعناه: إنهم يقولون: إن لنا محلًا في الدنيا، وارتحالًا بالموت، وإن فيمن مضى قبلنا – يعني: موت من يموت – مهلة لنا، لأنا نبقى بعدهم، وهو معنى الإمهال. انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>