للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقتنا، وحذف الموصوف وأقام الصِّفَة مقامه. ويجوز أن تكون حالًا، من ضمير الفاعل، أي: ذكرك مستأنفًا لذكرك، ومنه قوله تعالى: {مَاذَا قَالَ آنِفًا} [محمّد: ١٦].

وقوله في هذا الحديث أيضًا: "بيَّنَّا هو يخطب إذ عرض له في خطبته فقال: يدخل عليكم .. الحديث".

تقديره: عرض له أن قال (١) كذا، ثمّ حذفه. وهذا كقوله تعالى: {ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ} [يوسف: ٣٥] أي: بدا لهم رأي أو قول (٢).


= خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا} [محمّد: ١٦] قال الأستاذ محي الدين درويش: "وآنفًا: حال من الضمير في "قال"، أي: مؤتنفًا، وأعربه الزمخشري وأبو البقاء ظرفًا، أي: ماذا قال السّاعة؟ . وأنكر أبو حيان ذلك وقال: ولا نعلم أحدًا من النحاة عده في الظروف، وقال ابن عطية: والمفسرون يقولون: آنفًا معناه: السّاعة الماضية القريبة منا، وهذا تفسير بالمعنى.
وقال في "القاموس": "وقال آنفًا كصاحب وكتف، وقرئ بهما، أي: مذ ساعة، أي: في أول وقت يقرب منا" كأنّه يميل إلى نصبه على الظرفية.
وقال الزجاج: هو من استأنفت الشيء، إذا ابتدأته، والمعنى: ماذا قال في أول وقت يقرب منا. وعلى هذا رجحت كفة القائلين بالظرفية اهـ.
ينظر: "إعراب القرآن الكريم وبيانه"، (٩/ ٢١١)، ط. دار الإرشاد - سوريا (١٤٠٨ هـ).
(١) لا حاجة إلى تقدير القول؛ فهو مذكور بلفظه في هذه الرِّواية، إِلَّا أنّه يعني أن جملة "فقال" معطوفة على محذوف تقديره: عرض له قول، وهذا خلافًا لمن منع حذف الفاعل، ومنهم أبو حيان؛ كما قال في تفسير قوله تعالى: {لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} [الأنعام: ٩٤] على قراءة من فتح "بينكم".
(٢) اختلف في فاعل الفعل الّذي هو "بدا"، فقيل: محذوف، و"ليسجننه" قائم مقامه، أي: بدا لهم سجنه، فحذت وأقيم "ليسجننه" مقامه، ولا يجوز أن يكون هو الفاعل؛ لأنّه جملة والجملة لا تكون فاعلًا خلافًا لسيبويه، ، وقيل: مضمر فيه، وهو مصدر "بدا"، أي: بدا لهم بداء، أي: ظهر لهم رأي، وقد أظهره الشاعر في قوله:
لعلّك والموعودُ حق لقاؤه ... بدا لك من تلك القلوص بداء
ودل "ليسجننه" على تفسير هذا البداء.
ينظر: "الفريد في إعراب القرآن المجيد" (٣/ ٦٢)، لابن أبي العز الهمذاني (ت ٦٤٣ هـ)، تحقيق د. محمّد حسن النمر، د. فؤاد على مخيمر، دار الثقافة- الدوحة ط. أولى سنة (١٩٩١ م).

<<  <   >  >>